تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
* (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (23) قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (24) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (25) يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم) * * خاطب إبليس بالهبوط من قبل، فما معنى هذه الإعادة؟ قيل: إن هذا الثاني خطاب لآدم وحواء والحية، قاله أبو صالح، وإبليس خارج من الخطاب، وقيل: الخطاب للكل؛ لأنهم وإن اقترفوا في وقت الإخراج والإنزال، (لكن) لما اجتمعوا في الإنزال جمع بينهم في الخطاب، والأول خاص لإبليس، والخطاب الثاني عام للكل.
* (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) وفي القصص: أن آدم وقع بأرض الهند، وحواء بجدة، والحية بميسان، وإبليس بأيلة، وقيل: بمداد، وقيل: وقع إبليس بأرض البصرة، ثم خرج إلى أرض مصر وباض وفرخ فيه.
وعن ابن عمر أنه قال: لما أخرج الله - تعالى - إبليس إلى الأرض، قال: يا رب، أين مسكني؟ قال: الحمامات؛ فقال: أين مجلسي؟ قال: الأسواق، فقال: وأيش مطعمي؟ قال: كل طعام لم يذكر عليه اسمي، فقال: وماذا شرابي؟ فقال: كل مسكر. قال: وما حبالتي؟ فقال: النساء، فقال: وما كتابتي؟ قال: الوشم، فقال: ومن رسلي؟ قال: الكهنة.
قوله - تعالى -: * (قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) يعني: الأرض فيها حياتكم وموتكم، ومنها بعثكم.
قوله - تعالى -: * (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم) فإن قال قائل: كيف قال: أنزلنا. ولم ينزل اللباس من السماء؟ قيل: قد أنزل المطر، وكل نبات من المطر؛ فكأنه أنزله، وقيل: معناه: أن كل ما في الأرض فهو من بركات السماء؛ فيكون كالمنزل من السماء، وعلى هذا معنى قوله - تعالى -: * (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) وإنما يستخرج من الأرض، لكن نسبه إلى السماء، كذا هذا.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»