تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٩٤
ويقال مشجت هذا بهذا أي خلطته فهو ممشوج ومشج، مثل مخلوط وخليط، قال أبو دوم:
كأن الريش والفوقين منه خلاف النصل سبطيه مشيج قال ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد والربيع: يعني ماء الرجل وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما جميعا الولد، وماء الرجل أبيض غليط وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا صاحبه كان الشبه له، وقال قتادة: هي أطوار الخلق: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم لحما ثم عظاما ثم يكسوه لحما ثم ينشئه خلقا آخر.
وقال الضحاك: أراد اختلاف ألوان النطفة نطفة، الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء فهي مختلفة الألوان، وهي رواية الوالي عن ابن عباس وابن أبي نجح عن مجاهد، وكذلك قال عطاء الخراساني والكلبي: الأمشاج الحمرة في البياض والبياض في الحمرة أو الصفرة.
وقال عبد الله بن مسعود وأسامة بن زيد: هي العروق التي تكون في النطفة، وروى ابن جريح عن عطاء قال: الأمشاج الهن الذي كأنه عقب، وقال الحسن: نعم والله خلقت من نطفة مشجت بدم وهو دم الحيضة فإذا حبلت أرفع الحيض، وقال يمان: كل لونين اختلطا فهما أمشاج، وقال ابن السكيت: الأمشاج: الأخلاط، لأنها ممتزجة من أنواع فخلق الإنسان ذا طبائع مختلفة، وقال أهل المعاني: بناء الأمشاج بناء جمع وهو في معنى الواحد لأنه نعت النطفة وهذا كما يقال: برمة أعشار وثوب أخلاق ونحوهما.
وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا عثمان المغربي يقول: سئلت وأنا بمكة عن قول الله سبحانه: " * (أمشاج نبتليه) *) فقلت ابتلى الله الخلق تسعة أمشاج: ثلاث مفتنات وثلاث كافرات وثلاث مؤمنات، فأما الثلاث المفتنات فسمعه وبصره ولسانه، وأما الثلاث الكافرات فنفسه وهواه وشيطانه، وأما الثلاث المؤمنات فعقله وروحه وملكه، فإذا أيد الله العبد بالمعونة فقر العقل على القلب فملكه واستأسرت النفس والهوى فلم يجد إلى الحركة سبيلا، فجانست النفس الروح وجانس الهوى العقل وصارت كلمة الله هي العليا: " * (قاتلوهم حتى لا تكون فتنة) *).
" * (نبتليه) *) نختبره بالأمر والنهي وقال بعض أهل العربية: هي مقدمة معناها التأخير مجازها: " * (فجعلنه سميعا بصيرا) *) لنبتليه؛ لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة. " * (إنا هدينه السبيل) *))
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»