تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ١٣١
هذه الآيات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه وإذا رآه قال: (مرحبا بمن عاتبني فيه ربي) ويقول: (هل لك من حاجة) واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما قال أنس بن مالك: فرأيته يوم القادسية عليه درع ومعه راية سوداء، قال ابن زيد كان يقال: لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الوحي لكتم هذا.
" * (وما يدريك لعله يزكى) *) أي يتطهر من ذنوبه ويتعظ ويصلح، وقال ابن زيد: يسلم.
" * (أو يذكر) *) يتعظ " * (فتنفعه الذكرى) *) الموعظة، وقراءة العامة فتنفعه بالرفع نسقا على قوله يزكى ويذكر، وقرأ عاصم في أكثر الروايات بالنصب على جواب لعل بالفاء.
" * (أما من استغنى) *) اثرى " * (فأنت له تصدى) *) تتعرض وتصغي إلى كلامه قال الراعي: " * (تصدى) *) لوضاح كان جبينه سراج الدجى تجبى إليه الأساور، وقرأ أهل الحجاز وأيوب تصدى بتشديد الصاد على معنى يتصدى، وقرأ الباقون بالتخفيف على الحذف.
" * (وما عليك ألا يزكى) *) أن لا يسلم أن عليك إلا البلاغ " * (وأما من جاءك يسعى) *) يمشي يعني الأعمى " * (وهو يخشى) *) الله سبحانه " * (فأنت عنه تلهى) *) تعرض وتتغافل وتتشاغل بغيره " * (كلا) *) ردع وزجر أي لا تفعل مثلها بعدها فليس الأمر كما فعلت من إقبالك على الغني الكافر وإعراضك (عن) الفقير المؤمن.
" * (إنها) *) يعني هذه الموعظة، وقيل: هذه السورة، وقال مقاتل: آيات القرآن " * (تذكرة) *) موعظة وتبصرة " * (فمن شاء) *) من عباد الله ذكره اتعظ به، وقال مقاتل: فمن شاء الله ذكره، أي فهمه واتعض به إذا شاء الله منه ذلك وذكره وفهمه، والهاء في قوله: " * (ذكره) *) راجعة إلى القرآن والتنزيل والوحي أو الوعظ.
" * (في صحف مكرمة) *) يعني اللوح المحفوظ، وقيل: كتب الأنبياء (عليهم السلام)، دليله قوله سبحانه: * (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) * * (مرفوعة) *) رفيعة القدر عند الله " * (مطهرة بأيدي سفرة) *) قال ابن عباس ومجاهد: كتبة وهم الملائكة الكرام الكاتبون واحدهم سافر، ويقال: سفرت أي كتبت ومنه قيل للكتاب سفر، وجمعه أسفار، ويقال للوراق سفرا بلغة العبرانية وقال قتادة: هم القراء، وقال الباقون: هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير وهو الرسول، وسفير القوم هو الذي يسعى بينهم للصلح، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم، قال الشاعر
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»