تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٨
الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، ثم دحا الأرض بعد ذلك أي بسطها، قال ابن عباس وعبد الله بن عمرو: خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام فدحيت الأرض من تحت البيت، وقيل معناه: والأرض مع ذلك دحاها كما يقال للرجل: أنت أحمق وأنت بعد هذا لئيم الحسب، أي مع هذا، قال الله عز وجل: " * (عتل بعد ذلك زنيم) *) أي مع ذلك، وقال الشاعر:
فقلت لها عني إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب يعني مع ذلك.
ودليل هذا التأويل قراءة مجاهد " * (والأرض عند ذلك دحاها) *) وقيل بعد بمعنى قبل كقوله سبحانه: " * (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) *) أي من قبل الذكر وهو القرآن، وقال الهذلي: حملت الهي بعد عروة إذا نجا خراش وبعض الشراهون من بعض زعموا أن خراشا نجا قبل عروة.
وقراءة العامة " * (والأرض) *) بالنصب، وقرأ الحسن " * (والأرض) *) رفعها بالابتداء الرجوع الهاء وكلا الوجهين سائغان في عائد الذكر، والدحو البسط والمد، ومنه أدحي النعامة؛ لأنها تدحوه بصدرها، يقال: دحا يدحوا دحوا ودحا يدحا دحيا لغتان مثل قولهم طغى يطغو أو يطغي وصغا يصغو ويصغي، ومحا يمحو ويمحي ولحي العود يلحوا أو يلحي، فمن قال: يدحو قال دحوت، ومن قال يدحا قال: دحيت.
" * (أخرج منها ماءها ومرعاها) *) قال القتيبي: أنظر كيف دل بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنعام من العشب والشجر والحب والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح، لأن النار من العيدان والملح من الماء.
" * (والجبال أرساها) *) قراءة العامة بالنصب وقرأ عمرو بن عبيد بالرفع. " * (متاعا لكم ولأنعامكم فإذا جاءت الطامة الكبرى) *) وهي القيامة سميت بذلك؛ لأنها تطم على كل هائلة من الأمور فتغمر ما سواها بعظم هولها؛ أي يغلب، والطامة عند العرب الناهية التي لا تستطاع، وإنما أخرت من قولهم ظم الفرس طميمها إذا استفرغ جهده الجري.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن حبيش قال: حدثنا محمد بن عمران قال: حدثنا هناد ابن السهى قال: حدثنا أبو أسامة عن ملك بن مغول عن القاسم الهمداني " * (فإذا جاءت الطامة الكبرى) *) قال الحسن: يسوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»