تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٨٧
إن يرد الله شيئا يغيره، وقال أبو سفيان بن حرب: إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء.
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عما قالوا، فأقروا، فأنزل الله سبحانه هذه الآية وزجرهم، عن التفاخر بالأنساب، والتكاثر بالأموال، والازدراء للفقراء، وقال يزيد بن سخرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يمر ببعض أسواق المدينة، فإذا غلام أسود قائم، ينادى عليه ليباع، فمن يريد.
وكان الغلام قال: من اشتراني فعلي شرط، قيل: ما هو، قال: ألا يمنعني عن الصلوات الخمس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراه رجل على هذا الشرط، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه عند كل صلاة مكتوبة، ففقده ذات يوم، فقال لصاحبه: (أين الغلام؟). فقال: محموم يا رسول الله، فقال لأصحابه: (قوموا بنا نعوده). فقاموا معه فعادوه، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه: (ما حال الغلام؟).
قال: يا رسول الله، إن الغلام لما به، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وهو في ذهابه، فقبض على تلك الحال، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله، وتكفينه، ودفنه، فدخل على المهاجرين، والأنصار من ذلك أمر عظيم، فقال المهاجرون: هاجرنا ديارنا، وأموالنا، وأهالينا، فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقي منه هذا الغلام، وقال الأنصار: آويناه، ونصرناه، وواسيناه فآثر علينا عبدا حبشيا، فعذر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم فيما تعاطاه من أمر الغلام، وأراهم فضل التقوى، فأنزل الله سبحانه: " * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا) *) وهي رؤوس القبائل وجمهورها مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج. واحدها شعب بفتح الشين، سموا بذلك لتشعبهم واجتماعهم، كتشعب أغصان الشجر، والشعب من الأضداد يقال: شعبته إذا جمعته، وشعبته إذا فرقته، ومنه قيل للموت: شعوب.
" * (وقبائل) *) وهي دون الشعوب، واحدها قبيلة، وهم كندة من ربيعة، وتميم من مضر، ودون القبائل العمائر، واحدها عمارة بفتح العين كشيبان من بكر، ودارم من تميم، ودون العمائر البطون، واحدها بطن، وهم كبني غالب ولؤي من قريش، ودون البطون الأفخاذ، واحدها فخذ، وهم كبني هاشم، وأمية من بني لؤي، ثم الفصائل، والعشائر، واحدتها فصيلة، وعشيرة، وقيل: الشعوب من العجم، والقبائل من العرب، والأسباط من بني إسرائيل، وقال أبو رزين وأبو روق: الشعوب الذين لا يصيرون إلى أحد، بل ينسبون إلى المدائن، والقرى، والأرضين، والقبائل العرب الذين ينسبون إلى آبائهم.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»