تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٨٥
ميمون بعد ذلك لا يغتاب أحدا، ولا يدع أن يغتاب عنده أحد، وحكي عن بعض الصالحين أنه قال: كنت قاعدا في المقبرة الفلانية، فاجتازني شاب جلد، فقلت: هذا، وأمثاله، وبال على الناس، فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام أنه قدم إلي جنازة عليها ميت، وقيل لي كل من لحم هذا، وكشف عن وجهه، فإذا ذلك الشاب، فقلت: أنا لم آكل من لحم الحيوان الحلال منذ سنين، فكيف آكل هذا؟ فقيل: فلم اغتبته إذا؟ فانتبهت حزينا، فكنت آوي إلى تلك المقبرة سنة واحدة، فرأيت الرجل، فقمت إليه لأستحل منه، فنظر إلي من بعيد، فقال: تبت. قلت: نعم، قال: ارجع إلى مكانك.
وقد أخبرنا ابن منجويه، قال: حدثنا عمر بن الخطاب. قال: حدثنا عبد الله بن الفضل. قال: أخبرنا علي بن محمد. قال: حدثنا يحيى بن آدم. قال: حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عمر، لأبي هريرة، قال: جاء ماعر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه زنى، فأعرض عنه، حتى أقر أربع مرات، فأمر برجمه، فمر النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين يذكران ماعرا، فقال أحدهما: هذا الذي ستر عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم برجم الكلب.
قال: فسكت عنهما حتى مرا معه على جيفة حمار شائل رجله، فقال صلى الله عليه وسلم لهما: (انزلا فأصيبا منه). فقالا: يا رسول الله غفر الله لك، وتؤكل هذه الجيفة؟
قال: (ما أصبتما من لحم أخيكما آنفا أعظم عليكما، أما إنه الآن في أنهار الجنة منغمس فيها).
وأخبرني ابن منجويه، قال: حدثنا ابن شيبة قال: حدثنا الفريابي، قال: حدثنا محمد بن المصفى، قال: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عبد القدوس بن الحجاج، قال: حدثني صفوان بن عمرو، قال: حدثنا راشد بن سعد، وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم).
" * (واتقوا الله إن الله تواب رحيم) *) أخبرني الحسين، قال: حدثنا موسى بن محمد بن علي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا أسباط، عن أبي رجاء الخراساني، عن عباد بن كثير، عن الحريري، عن أبي نصرة، عن جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الغيبة أشد من الزنا). قيل: وكيف؟ قال: (إن الرجل يزني، ثم يتوب، فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه)
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»