تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٨٢
" * (بئس الإسم الفسوق بعد الايمان) *) يقول: من فعل ما نهيت عنه من السخرية، واللمز والنبز، فهو فاسق، و " * (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) *) فلا تفعلوا ذلك، فتستحقوا (اسم الفسوق) وقيل: معناه بئس الاسم الذي تسميه، بقولك فاسق، بعد أن علمت أنه آمن.
" * (ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) *)... الآية نزلت في رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتابا رفيقيهما، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا أو سافر، ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسورين يخدمهما، ويحقب حوائجهما، ويتقدم لهما إلى المنزل، فيهيئ لهما ما يصلحهما من الطعام، والشراب، فضم سلمان الفارسي ح إلى رجلين في بعض أسفاره، فتقدم سلمان، فغلبته عيناه، فلم يهيئ لهما شيئا، فلما قدما، قالا له: ما صنعت شيئا؟ قال: لا. قالا: ولم؟ قال: غلبتني عيناي، فقالا له: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واطلب لنا منه طعاما وإداما، فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله طعاما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انطلق إلى أسامة بن زيد وقل له: إن كان عنده فضل من طعام، وإدام، فليعطك).
وكان أسامة خازن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رحله، فأتاه، فقال: ما عندي شيء، فرجع سلمان إليهما، وأخبرهما بذلك، فقالا: كان عند أسامة، ولكن بخل، فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة، فلم يجد عندهم شيئا، فلما رجع سلمان، قالا: لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها، ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاءا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: (ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما) قالا: يا رسول الله، والله ما تناولنا يومنا هذا لحما، فقال: (ظللتم تأكلون لحم سلمان، وأسامة).
فأنزل الله سبحانه: " * (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) *). " * (إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا) *) قرأه العامة (بالجيم) وقرأ ابن عباس، وأبو رجاء العطاردي (ولا تحسسوا) (بالحاء)، قال الأخفش: ليس يبعد أحدهما عن الآخر. إلا أن التجسس لما يكتم، ويوارى، ومنه الجاسوس، والتحسس (بالحاء) تحبر الأخبار، والبحث عنها، ومعنى الآية خذوا ما ظهر، ودعوا ما ستر الله، ولا تتبعوا عورات المسلمين.
أخبرني ابن منجويه، قال: حدثنا ابن شنبه، قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا قتيبة بن سعد، عن مالك، عن أبي الزياد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»