تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٨١
يسخر قوم من قوم) *) أي رجال من رجال، والقوم اسم يجمع الرجال والنساء، وقد يختص بجمع الرجال، كقول زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء " * (عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن) *) نزلت في امرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سخرتا من أم سلمة، وذلك أنها ربطت خصريها بسبيبة وهي ثوب أبيض ومثلها السب وسدلت طرفيها خلفها. فكانت تجرها.
فقالت عائشة لحفصة: انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب. فهذا كان سخريتهما.
وقال أنس: نزلت في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم عيرن أم سلمة بالقصر. ويقال: نزلت في عائشة، أشارت بيدها في أم سلمة أنها قصيرة، وروى عكرمة، عن ابن عباس أن صفية بنت حي بن أخطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن النساء يعيرني فيقلن: يا يهودية بنت يهوديين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هلا قلت: إن أبي هارون، وابن عمي موسى، وإن زوجي محمد)، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
" * (ولا تلمزوا أنفسكم) *) أي لا يعيب بعضكم بعضا، ولا يطعن بعضكم على بعض. وقيل: اللمز العيب في المشهد، والهمز في المغيب، وقال محمد بن يزيد: اللمز باللسان، والعين، والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان، قال الشاعر:
إذا لقيتك عن شخط تكاشرني وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه " * (ولا تنابزوا بالالقاب) *) قال أبو جبير بن الضحاك: فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وما منا رجل إلا له اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا الرجل الرجل باسم، قلنا: يا رسول الله، إنه يغضب من هذا. فأنزل الله عز وجل: " * (ولا تنابزوا بالألقاب) *).
قال قتادة، وعكرمة: هو قول الرجل للرجل: يا فاسق، يا منافق، يا كافر، وقال الحسن: كان اليهودي، والنصراني يسلم، فيقال له بعد إسلامه: يا يهودي، يا نصراني، فنهوا عن ذلك، وقال ابن عباس: التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات، ثم تاب منها، وراجع الحق، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»