وبه عن ابن جرير، حدثنا بشير، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا هشام بن عبده عن أبيه، قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: " * (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) *) فقال شاب من أهل اليمن: بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها، فما زال الشاب في نفس عمر حتى ولي فاستعان به.
" * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) *) قال قتادة: هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد وهم يعرفونه ويجدون نعته مكتوبا عندهم، وقال ابن عباس والضحاك والسدي: هم المنافقون.
" * (الشيطان سول لهم) *) زين لهم " * (وأملى لهم) *) قرأ أبو عمرو بضم (الألف) وفتح (الياء) على وجه ما لم يسم فاعله. وقرأ مجاهد، ويعقوب بضم (الألف) وإرسال (الياء) على وجه الخبر من الله تعالى عن نفسه أنه يفعل ذلك بهم وهو اختيار أبي حاتم. وقرأ الآخرون " * (وأملى) *) بفتح (الألف) بمعنى وأملى الله لهم وهو اختيار أبي عبيدة.
" * (ذلك بأنهم) *) يعني هؤلاء المنافقين أو اليهود " * (قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) *) وهم المشركون. " * (سنطيعكم في بعض الامر) *) في مخالفة محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد.
" * (والله يعلم إسرارهم) *) قرأ أهل الكوفة إلا أبو بكر بكسر (الألف) على الفعل، غيرهم بفتحها على جمع السر.
" * (فكيف إذا توفتهم) *) (بالتاء) قراءة العامة، وقرأ عيسى بن عمر (توفيهم) (بالياء). " * (الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) *) عند الموت، نظيرها في الأنفال والنحل. " * (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم أم حسب الذين في قلوبهم مرض) *) شك، يعني المنافقين " * (أن لن يخرج الله أضغانهم) *) أحقادهم على المؤمنين، واحدها ضغن، فيبديها لهم حتى يعرفوا نفاقهم. " * (ولو نشاء لااريناكهم) *) أي لأعلمناكهم، وعرفناكهم، ودللناك عليهم، تقول العرب: سأريك ما أصنع بمعنى سأعلمك، ومنه قوله تعالى: " * (بما أريك الله) *).
" * (فلعرفتهم بسيماهم) *) بعلامتهم، قال أنس بن مالك: ما أخفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين، كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا معه في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشكوهم الناس، فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى كل واحد منهم مكتوب هذا منافق. فذلك قوله: " * (سيماهم) *).
وقال ابن زيد: قد أراد الله إظهار نفاقهم، وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد، فأبوا إلا أن