تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٣٥
ومثواكم: مصيركم إلى الجنة وإلى النار. ابن جرير: متقلبكم: منصرفكم لأشغالكم بالنهار، ومثواكم: مضجعكم للنوم بالليل، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
" * (ويقول الذين آمنوا) *) اشتياقا منهم إلى الوحي وحرصا على الجهاد. " * (لولا نزلت سورة) *) تأمرنا بالجهاد. " * (فإذا أنزلت سورة محكمة) *) بالأمر والنهي، قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد، فهي محكمة، وهي أشد للقرآن على المنافقين. وفي حرف عبد الله (سورة محدثة) * * (وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض) *) يعني المنافقين " * (ينظرون إليك) *) شزرا، بتحديق شديد كراهة منهم للجهاد، وجبنا منهم على لقاء العدو " * (نظر) *) كنظر " * (المغشى عليه من الموت فأولى لهم) *) وعيد وتهديد، قال: " * (طاعة) *) مجازه، ويقول هؤلاء المنافقون قبل نزول الآية المحكمة (طاعة) رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منا طاعة.
" * (وقول معروف) *) حسن وقيل: هو متصل بالكلام الأول، (واللام) في قوله (لهم) بمعنى (الباء) مجازه فأولى بهم طاعة لله ورسوله " * (وقول معروف) *) بالإجابة والطاعة.
" * (فإذا عزم الامر) *) أي جد الأمر وعزم عليه وأمروا بالقتال. " * (فلو صدقوا الله) *) في إظهار الإيمان والطاعة " * (لكان خيرا لهم فهل عسيتم) *) فلعلكم " * (إن توليتم) *) أعرضتم عن الإيمان، وعن القرآن، وفارقتم أحكامه.
" * (أن تفسدوا في الارض) *) بالمعصية، والبغي، وسفك الدماء، وتعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الفرقة، بعدما جمعكم الله تعالى بالإسلام، وأكرمكم بالألفة.
قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله؟ ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطعوا الأرحام، وعصوا الرحمن؟، وقال بعضهم: هو من الآية. قال المسيب بن شريك والفراء: يقول: " * (فهل عسيتم إن توليتم) *) إن وليتم أمر الناس " * (أن تفسدوا في الأرض) *) بالظلم، نزلت في بني أمية، ودليل هذا التأويل ما أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين، حدثنا هارون بن محمد بن هارون، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا القاسم بن يونس الهلالي، عن سعيد بن الحكم الوراق، عن ابن داود، عن عبد الله بن مغفل، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقرأ " * (فهل عسيتم إن وليتم أن تفسدوا في الأرض) *) ثم قال: (هم هذا الحي من قريش أخذ الله عليهم إن ولوا الناس ألا يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم).
وقرأ علي بن أبي طالب " * (إن توليتم) *) بضم (التاء) و (الواو) وكسر (اللام)، يقول: إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة، وعاونتموهم. ومثله روى رويس عن يعقوب
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»