وقال الحسن البصري: هم أربعة: إبراهيم، وموسى، وداود، وعيسى. فقال: إبراهيم فعزمه قيل له: أسلم، قال: أسلمت لرب العالمين. ثم ابتلي في ماله، وولده، ووطنه، ونفسه، فوجد صادقا وافيا في جميع ما أبتلي به، وأما موسى، فعزمه قوله حين قال له قومه: * (إنا لمدركون قال) * * (كلا إن معي ربي سيهدين) *).
وأما داود، فعزمه أنه أخطأ خطيئة، فنبه عليها، فبلي أربعين سنة على خطيئته حتى نبتت من دموعه شجرة، وقعد تحت ظلها، وأما عيسى فعزمه أنه لم يضع في الدنيا لبنة على لبنة، وقال: إنها معبر فاعبروها، ولا تعمروها. فكان الله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم " * (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) *) أي كن صادقا فيما ابتليت به مثل صدق إبراهيم، واثقا بنصرة مولاك مثل ثقة موسى، مهتما لما سلف من هفواتك مثل اهتمام داود، زاهدا في الدنيا مثل زهد عيسى (عليه السلام).
حدثنا الإمام أبو منصور محمد بن عبد الله الجمشاذي لفظا، أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن أحمد القاضي، أخبرنا أبو عبد الرحمن، أخبرنا ابن أبي الربيع، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله تعالى: " * (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) *)، قال: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى (عليهم السلام).
أخبرنا أبو منصور الجمشاذي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الدقاق، أخبرنا الحسن ابن محمد بن جابر، حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا وكيع، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع ابن أنس، عن أبي العالية في قوله: " * (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل) *)، قال: كانوا ثلاثة: نوح، وإبراهيم، وهود، ومحمد رابعهم، أمر أن يصبر كما صبروا.
أخبرني أبو عبد الله بن منجويه، حدثنا محمد بن عبد الله بن برزة، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا داود بن المخبر، حدثنا سليمان بن الحكم، عن الأحوص بن حكيم بن كعب الحبر، قال: في جنة عدن مدينة من لؤلؤ بيضاء، تكل عنها الأبصار، لم يرها نبي مرسل ولا ملك مقرب، أعدها الله سبحانه وتعالى لأولي العزم من الرسل والشهداء والمجاهدين، لأنهم فضلوا الناس عقلا وحلما وإنابة ولبا.
" * (ولا تستعجل) *) العذاب. " * (لهم) *) فإنه نازل بهم لا محالة. " * (كأنهم يوم يرون ما يوعدون) *) من العذاب في الآخرة " * (لم يلبثوا) *) في الدنيا " * (إلا ساعة من نهار) *) يعني في جنب يوم القيامة، وقيل: لأنه ينسيهم هول ما عاينوا قدر مكثهم في الدنيا. ثم قال: " * (بلاغ) *) أي هذا