تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٣٤
" * (فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم) *) يعني فمن أين لهم التذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة، نظيره قوله تعالى: " * (وأنى لهم التناوش من مكان بعيد) *).
" * (فاعلم أنه لا إله إلا الله) *) قال بعضهم: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره وأخواتها كثيرة، وقيل: فاثبت عليه، وقال الحسين بن الفضل: فازدد علما على علمك، وقال عبد العزيز ابن يحيى الكناني: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضجر، ويضيق صدره من طعن الكافرين، والمنافقين فيه، فأنزل الله هذه الآية، يعني فاعلم إنه لا كاشف يكشف ما بك إلا الله، فلا تعلق قلبك على أحد سواه.
وقال أبو العالية وابن عيينة: هذا متصل بما قبله، معناه فاعلم إنه لا ملجأ، ولا مفزع عند قيام الساعة، إلا الله. سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا بكر بن عدش يقول: معناه فاعلم إنه لا قاضي في ذلك اليوم إلا الله، نظيره " * (مالك يوم الدين) *).
" * (واستغفر لذنبك) *) ليتسن أمتك بسنتك، وقيل: واستغفر لذنبك من التقصير الواقع لك في معرفة الله.
" * (وللمؤمنين والمؤمنات) *) أخبرني عقيل بن محمد أن أبا الفرج القاضي أخبرهم، عن محمد بن جرير، حدثنا أبو كريب، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا إبراهيم بن سليمان، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرحس، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: غفر الله لك يا رسول الله، فقال رجل من القوم: استغفر لك يا رسول الله؟ قال: (نعم ولك). ثم قرأ " * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين وللمؤمنات) *).
أخبرنا ابن منجويه الدينوري، حدثنا أحمد بن علي بن عمر بن حبش الرازي، حدثنا أبو بكر محمد بن عياش العتبي، حدثنا أبو عثمان سعيد بن عنبسة الحراز، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، عن بكر بن حنيس، عن محمد بن يحيى، عن يحيى بن وردان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم يكن عنده مال يتصدق به، فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنها صدقة).
" * (والله يعلم متقلبكم ومثواكم) *) قال عكرمة: يعني منقلبكم من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، ومثواكم: مقامكم في الأرض. ابن كيسان: متقلبكم من ظهر إلى بطن، ومثواكم: مقامكم في القبور. ابن عباس والضحاك: منصرفكم ومنتشركم في أعمالكم في الدنيا،
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»