تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٦٢
وقيل: معناه كيف تمن علي بالتربية وقد استعبدت قومي؟ ومن أهين قومه ذل، فتعبيدك بني إسرائيل قد أحبط إحسانك إلي.
وقال الحسن: يقول: أخذت أموال بني إسرائيل وأنفقت منها علي واتخذتهم عبيدا.
وقوله سبحانه " * (أن عبدت بني إسرائيل) *) أي اتخذتهم عبيدا، يقال: عبدته وأعبدته، وأنشد الفراء:
علام يعبدني قومي وقد كثرت فيهم أباعر ما شاؤوا وعبدان وله وجهان: أحدهما: النصب بنزع الخافض مجازه: بتعبيدك بني إسرائيل والثاني: الرفع على البدل من النعمة.
" * (قال فرعون وما رب العالمين) *) وأي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله إلي؟
" * (قال) *) موسى (عليه السلام) * * (رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) *) إنه خلقها عن الكلبي.
وقال أهل المعاني: إن كنتم موقنين أي ما تعاينونه كما تعاينونه فكذلك فأيقنوا أن ربنا هو رب السماوات والأرض.
* (قال فرعون) * * (لمن حوله) *) من أشراف قومه، قال ابن عباس: وكانوا خمسمائة رجل عليهم الأسورة محيلا لقوم موسى معجبا لقومه " * (ألا تستمعون) *) فقال موسى مفهما لهم وملزما للحجة عليهم " * (ربكم ورب آبائكم الأولين قال) *) فرعون " * (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون) *) يتكلم بكلام لا يعقله ولا يعرف صحته. فقال موسى " * (رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون) *) فقال فرعون حين لزمته الحجة وانقطع عن الجواب تكبرا عن الحق وتماديا في الغي " * (لئن اتخذت إلاها غيري لأجعلنك من المسجونين) *) المحبوسين.
قال الكلبي: وكان سجنه أشد من القتل؛ لأنه كان يأخذ الرجل إذا سجنه فيطرحه في مكان وحده فردا لا يسمع ولا يبصر فيه شيئا، يهوى به في الأرض.
فقال له موسى حين توعده بالسجن " * (أولو جئتك بشيء مبين) *) يبين صدق قولي، ومعنى الآية: أتفعل ذلك إن أتيتك بحجة بينة، وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بعد البيان.
فقال له فرعون " * (فأت به) *) فإنا لن نسجنك حينئذ " * (إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»