تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٥٧
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن حبان قال: حدثنا إسحاق بن محمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن عيسى قال: حدثنا علي بن علي قال: حدثني أبو حمزة الثمالي في هذه الآية قال: بلغنا والله أعلم أنها صوت يسمع من السماء في النصف من شهر رمضان يخرج له العواتق من البيوت.
وبه عن أبي حمزة قال: حدثني الكلبي عن أبي صالح مولى أم هاني أن عبد الله بن عباس حدثه قال: نزلت هذه الآية فينا وفي بني أمية قال: سيكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم بعد صعوبة، وهوان بعد عزة. وأما قوله سبحانه " * (خاضعين) *) ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق ففيه وجوه صحيحة من التأويل: أحدها: فظل أصحاب الأعناق لها خاضعين فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، فجعل الفعل أولا للأعناق ثم جعل خاضعين للرجال، كقول الشاعر:
على قبضة مرجودة ظهر كفه فلا المرء مستحي ولا هو طاعم فأنث فعل الظهر لأن الكف تجمع الظهر وتكفى منه كما أنك مكتف بأن تقول: خضعت للأمر أن تقول: خضعت لك رقبتي، ويقول العرب: كل ذي عين ناظر إليك وناظرة إليك لأن قولك: نظرت إليك عيني ونظرت بمعنى واحد، وهذا شائع في كلام العرب أن يترك الخبر عن الأول ويعمد إلى الآخر فيجعل له الخبر كقول الراجز:
طول الليالي أسرعت في نقضي طوين طولي وطوين عرضي فأخبر عن الليالي وترك الطول، قال جرير:
أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال وقال الفرزدق:
نرى أرماحهم متقلديها إذا صدئ الحديد على الكماة فلم يجعل الخبر للأرماح ورده إلى هم لكناية القوم وإنما جاز ذلك لأنه لو أسقط من وطول والأرماح من الكلام لم يفسد سقوطها معنى الكلام، فكذلك رد الفعل إلى الكناية في قوله أعناقهم؛ لأنه لو أسقط الأعناق لما فسد الكلام ولأدى ما بقي من الكلام عنها وكان فظلوا خاضعين لها واعتمد الفراء وأبو عبيد على هذا القول
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»