تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٦٠
سامعون ما يقولون وما تجابون، وإنما أراد بذلك تقوية قلبيهما وإخبارهما أنه يعينهما ويحفظهما " * (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) *) ولم يقل رسولا لأنه أراد المصدر أي رسالة ومجازه: ذو رسالة رب العالمين، كقول كثير:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول أي برسالة. وقال العباس بن مرداس:
إلا من مبلغ عنا خفافا رسولا بيت أهلك منتهاها يعني رسالة فلذلك انتهاء، قاله الفراء.
وقال أبو عبيد: يجوز أن يكون الرسول في معنى الواحد والاثنين والجمع، تقول العرب: هذا رسولي ووكيلي، وهذان رسولي ووكيلي، وهؤلاء رسولي ووكيلي، ومنه قوله " * (فإنهم عدو لي) *) وقيل: معناه كل واحد منا رسول رب العالمين.
" * (أن) *) أي بأن " * (أرسل معنا بني إسرائيل) *) إلى فلسطين ولا تستعبدهم وكان فرعون استعبدهم أربعمائة سنة وكانوا في ذلك الوقت ستمائة وثلاثين ألفا فانطلق موسى إلى مصر، وهارون بها وأخبره بذلك فانطلقا جميعا إلى فرعون، فلم يؤذن لهما سنة في الدخول عليه، فدخل البواب فقال لفرعون: ههنا إنسان يزعم أنه رسول رب العالمين، فقال فرعون: ايذن له لعلنا نضحك منه، فدخلا عليه وأديا إليه رسالة الله سبحانه وتعالى فعرف فرعون موسى لأنه نشأ في بيته فقال له " * (ألم نربك فينا وليدا) *) صبيا " * (ولبثت فينا من عمرك سنين) *) وهي ثلاثون سنة " * (وفعلت فعلتك التي فعلت) *) يعني قتل القبطي.
أخبرنا ابن عبدوس قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن الجهم قال: حدثنا الفراء قال: حدثني موسى الأنصاري عن السري بن إسماعيل عن الشعبي انه قرأ " * (وفعلت فعلتك التي) *) بكسر الفاء ولم يقرأ بها غيره.
" * (وأنت من الكافرين) *) الجاحدين لنعمتي وحق تربيتي، ربيناك فينا وليدا فهذا الذي كافأتنا أن قتلت منا وكفرت بنعمتنا، وهذه رواية العوفي عن ابن عباس، وقال: إن فرعون لم يكن يعلم ما الكفر بالربوبية.
فقال موسى " * (قال فعلتها إذا وأنا من الضالين) *) أي الجاهلين قبل أن يأتيني عن الله شيء، هذا قول أكثر المفسرين وكذلك هو في حرف ابن مسعود وأنا من الجاهلين.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»