وقال مالك وفقهاء العراق: هو الحاج المنقطع، وقال الشافعي: ابن السبيل من (جيران) الصدقة الذين يريدون السفر في غير معصية فيعجزون من بلوغ سفرهم إلا بمعونة، وقال قتادة: هو الضيف.
" * (فريضة) *) واجبة " * (من الله) *) وهو نصب على القطع في قول الكسائي، وعلى المصدر في قول سيبويه أي: فرض الله هذه الأشياء فريضة، وقال إبراهيم بن أبي عبلة: رفع فريضة فجعلها خبرا كما تقول: إنما يزيد خارج " * (والله عليم حكيم) *).
واختلف العلماء في كيفية قسم الصدقات المذكورة في هذه الآية، (وهل) يجب لكل صنف من هؤلاء الأصناف الثمنية فيها حق، أو ذلك إلى رب المال ومن يتولى قسمها في أن له أن يعطي جميع ذلك من شاء من الأصناف الثمنية، فقال بعضهم: له قسمها ووضعها في أي الأصناف يشاء وإنما سمى الله تعالى الأصناف الثمنيه في الآية إعلاما منه إن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف إلى غيرها لا إيجاد القسمة بينهم، وهو قول عمر بن الخطاب وحذيفة وابن عباس وابن (جبير) وعطاء وأبي العالية وميمون بن مهران وأبي حنيفة.
أخبرنا عبد الله بن حامد. أخبرنا أبو بكر الطبري. حدثنا علي بن حرب، أخبرنا ابن فضيل، حدثنا عطاء عن سعيد " * (إنما الصدقات للفقراء) *) الآية، أي هذه الأصناف وجدت أجزاك أن تعطيه صدقتك، ويقول أبو حنيفة: يجوز الاقتصار على رجل واحد من الفقراء، وقال مالك يخص بأمسهم حاجة.
كان الشافعي يجري الآية على ظاهرها ويقول: إذا تولى رب المال قسمتها فإن عليه وضعه في ثلاثة أصناف لأن سهم المؤلفة ساقط، وسهم العاملين يبطل بقسمته إياها، فإذا تولى الإمام قسمتها فإن عليه أن يقسمها على سبعة أصناف، يجزيه أن يعطي من كل صنف منهم أقل من ثلاثة أنفس ولايصرف السهم ولا شيئا منه عن أهله أحد يستحقه، ولا يخرج من بلد وفيه أحد يرد حقه ممن لم يوجد من أهل السهام على من وجد منهم، وهذا قول عمر بن عبد العزيز، وعكرمة والزهري.
ثم رجع إلى ذكر المنافقين وقال: " * (ومنهم) *) يعني من المنافقين " * (الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) *) نزلت في حزام بن خالد، والجلاس بن سويد، وإياس بن قيس، ومخشي بن خويلد، وسماك بن يزيد، وعبيد بن هلال ورفاعة بن المقداد، وعبيدة بن مالك، ورفاعة بن زيد، كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون مالا ينبغي، فقال بعضهم: لا تفعلوا ما يقولون فيقع بنا، فقال الجلاس: بل نقول ما شئنا، ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول: فإنما محمد أذن سامعة فأنزل الله هذه الآية.