تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٦٥
" * (ولئن سأ لتهم ليقولن إنما كنا نخوض) *) الآية، قال ابن عمر وقتادة وزيد بن أسلم ومحمد ابن كعب: قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل (قرائنا) هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال له عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتحل وركب ناقة فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث بحديث الركب يقطع به عنا الطريق.
قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه وهو ويقول: إنا كنا نخوض ونعلب. فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم " * (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) *) فالتفت إليه وما يزيده عليه.
وقال قتادة: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه، فقالوا أيظن هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها، هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه على ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم احبسوا علي الركب، فدعاهم فقال لهم: قلتم كذا وكذا، فقالوا يا نبي الله أنما كنا نخوض ونلعب، وحلفوا على ذلك، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
وقال مجاهد: قال رجل من المنافقين: يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا وما يدريه ما الغيب، فأنزل الله هذه الآية، وقال ابن كيسان: نزلت في وديعة بن ثابت وهو الذي قال هذه المقالة، وقال الضحاك: نزلت في عبد الله بن أبي ورهطه كانوا يقولون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مالا ينبغي، فإذا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قالوا: إنما كنا نخوض ونلعب قال الله عز وجل: * (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) * * (لا تعتذروا قد كفرتم) *) بقولكم هذا " * (بعد إيمانكم) *) إقراركم " * (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة) *) قراءة العامة بضم الياء والتاء على غير تسمية الفاعل، وقرأ عاصم: إن نعف بنون مفتوحة وفاء مضمومة، نعذب بالنون وكسر الذال طائفة بالنصب، والطائفة في هذه الآية رجل يقال له مخشي بن حمير الأشجعي، أنكر عليهم بعدما سمع ولم يمالئهم عليه وجعل يسير مجانبا لهم، فلما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه وقال: اللهم إني لا أزال أسمع آية تقرأ أعنى بها، تقشعر منها الجلود وتجل وتجب فيها القلوب، اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك، لا يقول أحد: أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت، فأصيب يوم اليمامة فيمن قتل فما أحد من المسلمين الا وجدوه وعرف مصرعه غيره.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»