إن الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد فجعل له حلوبة وجعلها وقفا لعياله أي قوتا لا فضل فيه، يدل عليه ما روي عن عبد الرحمن بن أبزي قال: كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحج عليها ويغزو فنسبهم الله تعالى إلى أنهم فقراء وجعل لهم سهما في الزكاة.
وقال محمد بن مسلمة: الفقير الذي له مسكن يسكنه، والخادم إلى (......) لأن ذلك المسكين الذي لا ملك له. قالوا: وكل محتاج إلى شيء فهو مفتقر إليه وإن كان غنيا من غيره، قال الله تعالى: " * (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) *)، والمسكين المحتاج إلى كل شيء، ألا ترى كيف حض على إطعامه وجعل الكفارة من الأطعمة له، ولا فاقة أعظم من (......) في شدة الجوعة.
أما قوله: " * (أما السفينة فكانت لمساكين) *) وإن مسكنتهم هاهنا مساكين على جهة الرحمة والاستعفاف لا بملكهم السفينة كما قيل لمن امتحن بنكبة أو دفع إلى بلية: مسكين، وفي الحديث: (مساكين أهل النار) وقال الشاعر:
مساكين أهل الحب حتى قبورهم (عليها) تراب الذل بين المقابر " * (والعاملين عليها) *) يعني سقاتها وجباتها الذين يتولون قبضها من أهلها ووضعها في حقها ويعملون عليها يعطون ذلك بالسعاية، أغنياء كانوا أو فقراء.
واختفلوا في قدر ما يعطون، فقال الضحاك: يعطون: الثمن من الصدقة، وقال مجاهد: يأكل العمال من السهم الثامن، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: يعطون على قدر عمالتهم، وهو قول الشافعي وأبي يعفور قالا: يعطون بقدر أجور أمثالهم، وإن كان أكثر من الثمن، يدل عليه قول عبد الرحمن بن زيد قال: لم يكن عمر ولا أولئك يعطون العامل الثمن إنما يفرضون له بقدر عمله، وقال مالك وأهل العراق: إنما ذلك إلى الامام واجتهاده، يعطيهم الامام على قدر ما يرى.
" * (والمؤلفة قلوبهم) *)، قال قتادة: هم ناس من الأعراب وغيرهم كان النبي صلى الله عليه وسلم يألفهم