تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٦٦
وقيل: معناه إن يتب على طائفة منكم فيعفو الله عنهم ليعذب طائفة بترك التوبة " * (بأ نهم كانوا مجرمين المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) *) أي شكل بعض وعلى دين بعض، يعني إنهم صنف واحد وعلى أمر واحد، ثم ذكر أمرهم فقال " * (يأمرون بالمنكر) *) بالكفر والمعصية " * (وينهون عن المعروف) *) عن الإيمان والطاعة " * (ويقبضون أيديهم) *) يمسكونها ويكفونها عن الصدقة والنفقة في الحق ولايبسطونها بالخير، وأصله: إن المعطي يمد يده ويبسطها بالخير، فقيل: لمن بخل ومنع قد قبض يده، ومنه قوله: " * (وقالت اليهود يد الله مغلولة) *) أي ممسكة عن النفقة.
" * (نسوا الله فنسيهم) *) تركوا طاعة الله فتركهم الله من توفيقه وهدايته في الدنيا ومن رحمته المنجية من عذابه وناره في العقبى " * (إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم) *) كافيتهم عذابا وجزاء على كفرهم " * (ولعنهم الله) *) طردهم وأبعدهم من رحمته ولهم عذاب مقيم " * (كالذين من قبلكم) *) يعني فعلتم كفعل الذين كانوا من قبلكم ولعنتم وعذبتم كما لعن الذين كانوا من قبلكم من كفار الأمم الخالية " * (كانوا أشد منكم قوة) *) بطشا ومنعة " * (وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا) *) وتمتعوا وانتفعوا " * (بخلاقهم) *) بنصيبهم من الدنيا ورضوا به عوضا من الآخرة.
قال أبو هريرة: الخلاق: الدين " * (فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم) *) في الباطل والكذب على الله وتكذيب رسله والاستهزاء بالمؤمنين " * (كالذي خاضوا) *) أراد كالذين خاضوا وذلك أن (الذي) اسم ناقص مثل (ما) و (من) يعبر بها عن الواحد والجميع نظير قوله: " * (مثله كمثل الذي استوقد) *) ثم قال: " * (ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات) *) قال الشاعر:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد وأن شئت جعلت (الذي) إشارة إلى ضمير، وقوله: خضتم كالخوض الذي خاضوا فيه إلى قوله الخاسرون.
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر وباعا بباع، حتى لو أن أحد من ثم أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه، قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم " * (كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة) *) الآية، قالوا: يا رسول الله كما صنعت
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»