تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٠
بيعقوب ثلاثا وعشرين سنة، ومات وهو ابن عشرين ومائه سنة، وفي التوراة: مائة وست وعشر سنين. في قول ابن إسحاق بن يسار: ثمانين وسبعة أعوام، وقال ابن أبي إسحاق: ثماني عشرة سنة، وولد ليوسف من امرأة العزيز: افراثيم وميشا ورحمة امرأة أيوب، وبين يوسف وموسى أربعمائة سنة.
" * (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن) *) ولم يقل من الجب استعمالا للكرم لئلا يذكر إخوته صنيعهم، وقيل: لأن نعمة الله عليه في النجاة من السجن أكبر من نعمته عليه في إنقاذه من الجب، وذلك أن وقوعه في البئر كان لحسد إخوته، ووقوعه في السجن مكافأة من الله لزلة كانت منه.
" * (وجاء بكم من البدو) *) وذلك أن يعقوب وبنوه كانوا أهل بادية ومواشي، والبدو مصدر قولك: بدا، يبدو، بدوا، إذا صار بالبادية، " * (من بعد أن نزغ) *) أفسد " * (الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف) *) ذو لطف وصنع " * (لما يشاء) *) عالم بدقائق الأمور وحقائقها، " * (إنه هو العليم الحكيم) *).
روى عبد الصمد عن أبيه عن وهب: قال: دخلوا يعني يعقوب وولده مصر وهم اثنان وسبعون إنسانا ما بين رجل وامرأة وخرجوا منها مع موسى ومقاطنهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضع وسبعون رجلا سوى الذرية والهرمى والزمنى، وكانت الذرية ألف ألف ومائتا ألف سوى المقاتلة.
قال أهل التاريخ: أقام يعقوب بمصر بعد موافاته بأهله أربعا وعشرين سنة في أغبط حال وأهنأ عيش، ثم مات بمصر، ولما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه يوسف أن يحمل جسده حتى يدفنه عند أبيه إسحاق، ففعل يوسف ذلك ومضى به حتى دفنه بالشام، ثم انصرف إلى مصر.
قال سعيد بن جبير: نقل في تابوت من ساج إلى بيت المقدس ووافق ذلك يوم مات عيصوا فدفنا في قبر واحد، فمن ثم تنقل اليهود موتاهم إلى بيت المقدس من فعل ذلك منهم، وولد يعقوب وعيص في بطن واحد، ودفنا في قبر واحد وكان عمرهما جميعا مائة وسبعة وأربعين سنة.
قالوا: فلما جمع الله ليوسف شمله وأقر له عينه وأتم له رؤياه، وكان موسعا له في ملك الدنيا ونعيمها علم أن ذلك لا يدوم له وأن لابد له من فراقه فأراد نعيما هو (أدوم) منه، فاشتاقت نفسه إلى الجنة فتمنى الموت ودعا ربه، ولم يتمن نبي قبله ولا بعده الموت فقال: " * (رب قد آتيتني من الملك) *) يعني ملك مصر " * (وعلمتني من تأويل الاحاديث) *) يعني تعبير الرؤيا " * (فاطر السموات والارض) *) أي خالقها وبارئها.
" * (أنت ولي) *) معيني " * (في الدنيا والاخرة) *) تتولى أمري " * (توفني) *) اقبضني إليك " * (مسلما وألحقني بالصالحين) *) بآبائي النبيين
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»