تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٩
وقال امرؤ القيس:
أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضا كإحراض بكر في الديار مريض " * (أو تكون من الهالكين) *) أي الميتين، وقال يعقوب عند ذلك لما رأى غلظتهم وسوء لفظهم، " * (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) *) لا إليكم، قال المفسرون دخل على يعقوب جار له فقال: يا يعقوب ما لي أراك قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك؟ قال: هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من مصاب يوسف، فأوحى الله إليه: يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي؟ قال: يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي، قال: فإني قد غفرتها لك وكان بعد ذلك إذا سئل قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.
وقال حبيب بن أبي ثابت: بلغني أن يعقوب كبر حتى سقط حاجباه على عينيه، وكان يرفعهما بخرقة، فقال له رجل: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان.
فأوحى الله إليه: يا يعقوب تشكوني، فقال: خطيئة أخطأتها فاغفرها لي.
وعن عبد الله بن قميط، قال: سمعت أبي يقول: بلغنا أن رجلا قال ليعقوب (عليه السلام): ما الذي أذهب بصرك؟ قال: حزني على يوسف، قال: فما الذي قوس ظهرك؟ قال: حزني على أخيه، فأوحى الله عز وجل إليه: يا يعقوب أتشكوني؟ وعزتي وجلالي لو كانا ميتين لأخرجتهما لك حتى تنظر إليهما، وإنما وجدت عليكم أنكم ذبحتم شاة فأتاكم مسكين فلم تطعموه شيئا، وأن أحب خلقي إلي الأنبياء ثم المساكين، فاصنع طعاما وادع إليه المساكين، فصنع طعاما، ثم قال: من كان صائما فليفطر الليلة عند آل يعقوب.
وروى أبو عمران عن أبي الخلد ووهب بن منبه، قالا: أوحى الله تعالى إلى يعقوب: تدري لم عاقبتك وغيبت عنك يوسف وبنيامين؟ قال: لا إلهي، قال: لأ نك شويت عتاقا وقترت على جارك، وأكلت ولم تطعمه، ويقال: إن سبب ابتلاء يعقوب بفقد يوسف، أنه كانت له بقرة ولها عجول فذبح عجولها بين يديها، وإنما كانت تخور فلم يرحمها، فأخذه الله به وابتلاه بفقد يوسف أعز ولده.
وقال وهب بن منبه والسدي وغيرهما: أتى جبرئيل يوسف وهو في السجن، فقال: هل تعرفني أيها الصديق؟ قال: أرى صورة طاهرة وريحا طيبة، قال: فإني رسول رب العالمين، وأنا الروح الأمين، قال: فما الذي أدخلك حبس المذنبين وأنت أطيب الطيبين، ورأس المقربين، وأمين رب العالمين؟ قال: ألم تعلم يا يوسف أن الله يطهر البيوت لهؤلاء الطيبين، وأن الأرض
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»