تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٥
يجيئني فأتيته فلم أدعه حتى جاء، قال: فسأل فتى من قريش سعيد بن جبير فقال: يا أبا عبد الله كيف تقرأ هذا الحرف فإني إذا أتيت عليه تمنيت إني لا أقرأ هذه السورة: " * (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) *) قال: نعم حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوهم.
قال: فقال الضحاك: ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ، لو رحلت في هذه إلى اليمن لكان قليلا.
وقال بعضهم: معنى الآية على هذه القراءة حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنت الرسل أنهم قد كذبوا فيما وجدوا من النصرة. وهذه رواية ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: كانوا دعوا فضعفوا ويئسوا وظنوا أنهم أخلفوا ثم قوله تعالى: " * (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) *) الآية، ومن قرأ بالتشديد فمعناها، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم وظنت الرسل أي استيقنت أن أممهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا، وعلى هذا التأويل يكون الظن بمعنى العلم واليقين كقول الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي متلبب سراتهم في الفارسي المسرد أي أيقنوا.
وهذا معنى قول قتادة، وقال بعضهم: معنى الآية على هذه القراءة حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم أن يصدقونهم، وظنت الرسل أن من قد آمن بهم وصدقوهم قد كذبوهم فارتدوا عن دينهم لاستبطائهم النصر " * (جائهم نصرنا) *) وهذا معنى قول عائشة.
وقرأ مجاهد " * (كذبوا) *) بفتح الكاف والذال مخففة ولها تأويلان: أحدهما: حتى إذا استيأس الرسل أن يعذب قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا، والثاني: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنت الرسل أن قومهم قد كذبوا على الله بكفرهم، ويكون معنى الظن اليقين على هذا التأويل، والله أعلم.
" * (فنجي من نشاء) *) عند نزول العذاب وهم المطيعون والمؤمنون " * (ولا يرد بأسنا) *) عذابنا " * (عن القوم المجرمين) *) يعني المشركين، واختلف القراء في قوله فنجي فقرأها عامة القراء فننجي بنونين على معنى فنحن نفعل بهم ذلك، فأدغم الكسائي أحد النونين في الأخرى فقرأ: فنجي بنون واحدة وتشديد الجيم، وقرأ عاصم بضم النون وتشديد الجيم وفتح الياء على مذهب ما لم
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»