تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٩
أبوه وخالته لعيا، وكانت راحيل أم يوسف قد ماتت في نفاسها وتزوج يعقوب بعدها أختها لعيا فسمى الخالة أما كما سمى العم أبا في قوله: " * (نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق) *) وروى إسحاق عن بشر عن سعيد عن الحسن، قال: نشر الله راحيل أم يوسف من قبرها حتى سجدت تحقيقا للرؤيا.
" * (ورفع أبويه على العرش) *) على السرير، يعني أجلسهما عليه قال ابن إسحاق يعني رفع اسمهما " * (وخروا له سجدا) *) يعني يعقوب وخالته وإخوته، وكانت تحية الناس يومئذ السجود، ولم يرد بالسجود وضع الجباه على الأرض، لأن ذلك لا يجوز إلا لله تعالى وإنما هو الانحناء والتواضع على طريق التحية والتعظيم والتسليم إلا على جهة العبادة والصلاة، وهذا قول الأعشى بن ثعلبة:
فلما أتانا بعيد الكرى سجدنا له ورفعنا العمارا وقال آخر:
فضول أزمتها لأمها أسجدت سجود النصارى لأربابها وقيل: السجود في اللغة الخضوع كقول النابغة:
بجمع تضل البلق في حجراته ترى ألاكم فيه سجدا للحوافر أي متطامنة ذليلة.
قال (ثعلبة): خروا يعني مروا، ولم يرد الوقوع والسقوط على الأرض، نظيره قوله تعالى: " * (لم يخروا عليها صما وعميانا) *) إنما أراد لم يمروا كذلك، مجاهد: بمعنى المرور، وروي عن ابن عباس أن معناه خروا لله سجدا فقوله: له كناية عن الله تعالى " * (وقال) *) يوسف عند ذلك واقشعر جلده: " * (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) *)، وهو قوله " * (إني رأيت أحد عشر كوكبا) *).
واختلفوا في مدة غيبة يوسف عن يعقوب، فقال الكلبي: مائتان وعشرون سنة، سلمان الفارسي: أربعون سنة، عبد الله بن شداد: سبعون سنة وقيل: سبع وسبعون سنة، وقال الحسن: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وغاب عن أبيه ثمانين سنة، وعاش بعد لقائه
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»