تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٢٠
لأن ياءه كانت واوا مفتوحة، وهي عين الفعل أصله ضواء فسكنت وجعلت ياء كما جعلت في الصيام والقيام " * (وقدره منازل) *) أي قدر له بمعنى هيأ له وسوى له منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها.
وقيل: جعل قدر مما يتعدى لمفعولين ولم يقل قدرهما، وقد ذكر الشمس والقمر وفيه وجهان: أحدهما أن يكون الهاء للقمر خاصة بالأهلة يعرف انقضاء الشهور والسنين لا بالشمس، والآخر أن يكون قد اكتفى بذكر أحدهما من الآخر، كما قال: " * (الله ورسوله أحق أن يرضوه) *) وقد مضت هذه المسألة " * (لتعلموا عدد السنين) *) دخولها وانقضائها " * (والحساب) *) يعني وحساب الشهور والأيام والساعات " * (ما خلق الله ذلك) *) مثل ما في الفصل والخلق والتقدير، ولولا (وجود) الأعيان المذكور لقال: تلك " * (إلا بالحق) *) لم يخلقه باطلا بل إظهارا لصنعه ودلالة على قدرته وحكمته، ولتجزى كل نفس بما كسبت فهذا الحق " * (يفصل الآيات) *) يبينها " * (لقوم يعلمون) *).
قال ابن كثير وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: " * (يفصل) *) بالياء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله قبله " * (ما خلق الله) *) وبعده " * (وما خلق الله) *) فيكون متبعا له، وقرأ ابن السميقع بضم الياء وفتح الصاد ورفع التاء من الآيات على مجهول الفعل، وقرأ الباقون بالنون على التعظيم.
" * (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون) *) يوقنون فيعلمون ويقرون.
قال ابن عباس: قال أهل مكة: آتينا بآية حتى نؤمن بك فأنزل الله تعالى هذه الآية.
" * (إن الذين لا يرجون لقاءنا) *) يعني لا يخافون عقابنا ولا يرجون ثوابنا، والرجاء يكون بمعنى الهلع والخوف " * (ورضوا بالحياة الدنيا) *) فاختاروها دارا لهم " * (واطمأنوا بها) *) وسكنوا إليها.
قال قتادة في هذه الآية: إذا شئت رأيت صاحب دنيا لها يفرح ولها يحزن ولها يرضى ولها يسخط.
" * (والذين هم عن آياتنا) *) أدلتنا " * (غافلون) *) لا يعتبرون. قال ابن عباس " * (عن آياتنا) *) محمد والقرآن غافلون معرضون تاركون مكذبون " * (أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون) *) من الكفر والتكذيب " * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم) *) فيه إضمار واختصار أي يهديهم ربهم بإيمانهم إلى مكان " * (تجري من تحتهم الأنهار) *) قال أبو روق: يهديهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة، قال عطية: يهديهم ويثيبهم ويجزيهم، وقيل ينجيهم
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»