تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٢٥
قوله تعالى: * (قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير) * * (بما لا يعلم) *) بما لا يعلم الله تعالى صحته وحقيقته ولا يكون " * (في السماوات ولا في الأرض) *) ومعنى الآية: أتخبرون الله أن له شريكا أو عنده شفيعا بغير إذنه ولا يعلم الله أن له شريكا في السماوات " * (ولا في الأرض) *) لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه نظيره قوله عز وجل: " * (أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض) *).
ثم نزه نفسه فقال: " * (سبحانه وتعالى عما يشركون) *) قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وأبو حمزة والكسائي وخلف: تشركون بالتاء هاهنا وفي سورة النحل والروم، وهو اختيار أبي عبيد للمخاطبة التي قبلها، وقرأ الباقون كلها بالياء، واختارها أبو حاتم، وقال: كذلك تعلمناها.
" * (وما كان الناس إلا أمة واحدة) *) على ملة واحدة الإسلام دين آدم (عليه السلام) إلى أن قتل أحد ابني آدم أخاه فاختلفوا. قاله مجاهد والسدي.
قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا على عهد نوح فبعث الله إليهم نوحا، وقيل: كانوا أمة واحدة مجتمعة على التوحيد يوم الميثاق. وقيل: أهل سفينة نوح، وقال أبو روق: كانوا أمة واحدة على ملة الإسلام زمن نوح (عليه السلام) بعد الغرق، وقال عطاء: كانوا على دين واحد الإسلام من لدن إبراهيم (عليه السلام) إلى أن غيره عمرو بن يحيى، عطاء: يدل على صحة هذه التأويلات قراءة عبد الله: " * (وما كان الناس إلا أمة واحدة على هدى فاختلفوا عنه) *)، وقال الكلبي: وما كان الناس إلا أمة واحدة كافرة على عهد إبراهيم فاختلفوا فتفرقوا، مؤمن وكافر.
" * (ولولا كلمة سبقت من ربك) *) بأن جعل للدنيا مدة لكل أمة أجلا لا تتعدى ذلك، قال أبو روق وقال الكلبي: هي أن الله أخر هذه الأمة ولا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، وقيل: هي أنه لا يأخذ إلا بعد إقامة الحجة.
وقال الحسن، ولولا كلمة سبقت من ربك مضت في حكمه أنه لا يقضي فيهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة.
" * (لقضي بينهم) *) في الدنيا فأدخل المؤمنين الجنة بأعمالهم والكافرين في النار بكفرهم ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»