تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣١٨
ويقول العرب: إذا أتيت مكان كذا فنظر إليك الحمل فخذ يمينا وشمالا أي: استقبلك.
وحدث أبو عبيدة عن الكسائي قال: الحائط ينظر إليك إذا كان قريبا منك حيث تراه. ومنه قول الشاعر:
إذا نظرت بلاد بني تميم بعين أو بلا بني صباح وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا زكريا العنبري يقول: معناه: وتراهم كأنهم ينظرون إليك كقوله: " * (وترى الناس سكارى) *) أي كأنهم سكارى وإنما أخبر عنهم بالهاء والميم، لأنها مصورة على صورة بني آدم مخبرة عنها بأفعالهم.
" * (خذ العفو) *) قال مجاهد: يعني العفو من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تخميس.
قال ابن الزبير: ما أنزل الله تعالى هذه الآية إلا في أخلاق الناس.
وقال ابن عباس والسدي والضحاك والكلبي: يعني ماعفا لك من أموالهم وهو الفضل من العيال والكل فما أتوك به عفوا فخذه ولا تسألهم ما ذرأ ذلك.
وهذا قبل أن ينزل فريضة الصدقات. ولما نزلت آية الصدقات نسخت هذه الآية وأمر بأخذها منهم طوعا وكرها " * (وأمر بالعرف) *) أي بالمعروف. قرأ عيسى بن عمر: العرف ضمتين مثل الحلم وهما لغتان والعرف المعروف والعارفة كل خلصة حميدة فرضتها العقول وتطمئن إليها النفوس. قال الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس قال عطاء: وأمر بالعرف يعني لا إله إلا الله " * (وأعرض عن الجاهلين) *) أبي جهل وأصحابه نسختها آية السيف. ويقال لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبرئيل: (ما هذه؟ قال: لا أدري حتى أسأل، ثم رجع فقال: يا محمد إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك). فنظم الشاعر فقال:
مكارم الأخلاق في ثلاث من كملت فيه فذاك الفتى إعطاء من يحرمه ووصل من يقطعه والعفو عمن عليه اعتدى قال جعفر الصادق: (أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية).
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»