تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٧
الأنس وتشم ثيابه وتبكي فيقول: ألم ننهكم؟ فتقول برأسها: نعم.
قال قتادة: صار الشبان قردة والشيوخ خنازير فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم.
واختلف العلماء في الفرقة الذين قالوا: (لم تعظون قوما) كانت من الناجية أو من الهالكة؟ فقال بعضهم: كانت من الناجية لأنها كانت من الناهية.
وقال آخرون: كانت من الفرقة الهالكة، لأنهم كانوا من الخاطئة وذلك أنهم لما نهوا وقالوا لهم انتهوا عن هذا العمل قبل أن ينزل بكم العذاب فإنا قد علمنا أن الله تعالى منزل عليكم بأسه إن لم تنتهوا قالوا لهم " * (لم تعظون قوما الله مهلكهم) *) إذ علمتم أن الله معذبهم " * (أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم) *) أي هذه معذرة، وقرأ حفص: معذرة أي يفعل ذلك معذرة " * (ولعلهم يتقون) *) صيد الحيتان والصواب أنها كانت من الفرقة الناجية وأن هذا الكلام من قول المؤمنين بعضهم لبعض لأنه لو كان الخطاب للمعتدين لقالوا: ولعلكم تتقون يدل عليه قول يمان بن رئاب نحن الطائفتان اللذان قالوا " * (لم تعظون قوما الله مهلكهم) *) والذين قالوا " * (معذرة إلى ربكم) *) فأهلك الله أهل المعصية الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة وخنازير.
وقال ابن عباس: ليت شعري ما فعل هؤلاء الذين قالوا: " * (لم تعظون قوما الله مهلكهم) *) قال عكرمة: فقلت له: جعلني الله فداك ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم وقالوا: " * (لم تعظون قوما الله مهلكهم) *) فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا فكساني حلة.
" * (فلما نسوا ما ذكروا به) *) تركوا ما وعظوا به " * (أنجينا الذين ينهون عن السوء) *) أي المعصية " * (وأخذنا الذين ظلموا) *) أي عاقبنا باعتدائهم في السبت واستحلالهم ما حرم الله " * (بعذاب بئيس) *) شديد وجيع من البأس وهو الشدة والفعل منه بؤس يبئوس، فاختلف القراء فيها فقرأ أهل المدينة بيس بكسر الباء وجزم الياء من غير همزة على وزن فعل، وقرأ ابن عامر كذلك على وزن فعل إلا أنه الهمزة.
وقرأ عاصم: في رواية أبي بكر: بيئس بفتح الباء وجزم الياء وفتح الهمزة على وزن فيعل مثل صيقل ويثرب.
كما قال الشاعر:
كلاهما كان رئيسا بيئسا يضرب في الهيجاء منه القونسا
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»