تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٦
وقرأ الحسن: يسبتون بضم الياء أي يدخلون في السبت كما يقال أجمعنا وأشهرنا أي دخلنا في الجمعة والشهر " * (لا تأتيهم كذلك نبلوهم) *) نختبرهم " * (بما كانوا يفسقون) *) وسمعت الحسن بن محمد بن الحسن سمعت إبراهيم بن (محارب) بن إبراهيم سمعت أبي يقول: سألت الحسين بن الفضل هل تجد في كتاب الله الحلال لا (يأتيك) إلا قوتا والحرام يأتيك جزفا جزفا؟ قال: نعم، في قصة داود وتأويله: " * (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم) *).
قال عكرمة: جئت ابن عباس يوما فإذا هو يبكي ووضع المصحف في حجرة فقلت: مايبكيك جعلني الله فداك. قال: هؤلاء الورقات فإذا هو في سورة الأعراف، فقال: تعرف الآية؟ قلت: نعم، قال: فإنه كان بها حي من اليهود في زمن داود حرم عليهم الحيتان في السبت، وذلك أن اليهود أمروا باليوم الذي أمرتهم به يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت فابتلوا به وحرم عليهم فيه الصيد فأمروا بتعظيمه إن أطاعوا لم يؤجروا وإن عصوا عذبوا، وكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعا بيضاء سمانا كأنها الماخض تنتطح ظهورها لبطونها بأفنيتهم حتى لا يرى الماء من كثرتها ويوم لا يسبتون لا تأتيهم فكانوا كذلك برهة من الدهر.
ثم إن الشيطان أوحى إليهم فقال: إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت فأتخذوا الحياض وكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة) فتسقي (فيها ولا يمكنها الخروج منها لقلة الماء فيأخذونها يوم الأحد.
وقال ابن زيد: كانوا قد قربوا بحب الحيتان وكان في غير يوم السبت لا تأتيهم حوت واحد فأخذ رجل منهم حوتا فربط في ذنبه خيطا فأخذه وشواه فوجد جار له ريح الحوت. فقال له: يا فلان أنا أجد في بيتك ريح نون، قال: لا فتطلع في تنوره فإذا هو فيه فقال: إني أرى الله سيعذبك، فلما لم يره عذب ولم يعجل عليهم بالعذاب أخذ في السبت الأخرى حوتين اثنين.
فلما رأوا أن العذاب لا يعاجلهم أكلوا وملحوا وباعوا وأثروا وكثر مالهم، وكانوا نحوا من سبعين ألف، فصارت أهل القرية (ثلاثا): ثلث نهوا وكانوا نحوا من اثني عشر ألفا وثلث قالوا: لم تعظون قوما الله مهلكهم، وثلث أصحاب الخطيئة، فلما لم ينتهوا قال المسلمون: لا (نسألهم) فقسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب ولعنهم داود (عليه السلام) فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إن للناس شأنا لعل الخمر غلبتهم فعلوا على الجدار فنظروا فإذا بهم قردة ففتحوا الباب ودخلوا عليهم وعرفت القردة (أنسابها) من الأنس. ولا تعرف الأنس أنسابهم من القرود. فجعلت القردة تأتي نسيبها من
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»