تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٥
استضعفونى وكادوا يقتلوننى فلا تشمت بى الأعدآء ولا تجعلنى مع القوم الظالمين * قال رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين * إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحيواة الدنيا وكذالك نجزى المفترين) *) 2 " * (واتخذ قوم موسى من بعده) *) أي من بعد انطلاقه إلى الجبل " * (من حليهم) *) التي استعاروها من قوم فرعون.
وكانت بنو إسرائيل في القبط بمنزلة أهل الجزية في الإسلام، وكان لهم يوم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحلي فزامن ذلك عيدهم فاستعادوا الحلي للقبط فلما أخرجهم الله من مصر وغرق فرعون بقيت تلك الحلي في أيديهم فاتخذ السامري منها عجلا وهو ولد البقر " * (عجلا جسدا) *) مجسد لا روح فيه.
وقال وهب: جسدا لحما ودما " * (له خوار) *) وهو صوت البقر خار خورة واحدة ثم لم تعد. وقال وهب: كان يسمع منه الخوار إلا أنه لا يتحرك. وقرأ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: خوار بالجيم والهمز وهو الصوت أيضا واختلفت القراء في قوله (حليهم)، فقرأ يعقوب بفتح الحاء وجزم اللام وتخفيف الياء على الواحد.
وقرأ حمزة والكسائي: حليهم بكسر الحاء وتشديد الياء، الباقون بضم الحاء وهما لغتان مثل (صلى) وجثى وبكى (وعثى) يجوز فيها الكسر والضم " * (ألم يروا) *) يعني الذين عبدوا العجل من دون الله " * (أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا) *) قال الله " * (اتخذوه) *) عبدوه واتخذوه إلها " * (وكانوا ظالمين) *) كافرين " * (ولما سقط في أيديهم) *) أي ندموا على عبادة العجل وهذا من فصيحات القرآن.
والعرب تقول لكل نادم أو عاجز عن شيء: سقط في يديه وأسقط، وهما لغتان وأصله من (الاستئسار) وذلك أن يضرب الرجل الرجل أو يصرعه فيرمي به من يديه إلى الأرض ليأسره فيكتفه، والمرمي فيه مسقوط في يد الساقط.
" * (ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا) *) يتب علينا ربنا " * (ويغفر لنا) *) ويتجاوز عنا " * (لنكونن من الخاسرين) *) بالعقوبة " * (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) *) قال أبو الدرداء: الأسف منزلة وراء الغضب أشد منه، وقال ابن عباس والسدي: (رجع حزينا من صنيع قومه) قال الحسن بن غضبان: حزينا " * (قال بئسما خلفتموني من بعدي) *) أي بئس الفعل فعلتم بعد ذهابي، يقال: منه خلفه بخير أو شر إذا ألاه في أهله أو قومه بعد شخوصه عليهم خيرا أو شرا
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»