وقال أبو العالية: إنه أكل من لحاء الشجرة فأمره الله عز وجل بصوم عشرة أيام من ذي الحجة. وقال: أما علمت أن خلوق فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك، فكان فتنتهم في العشر التي زادها الله عز وجل " * (ولما جاء موسى لميقاتنا) *) أي الوقت سأله أن يكلمه فيه والميقات مفعال من الوقت كالميعاد والبلاد انقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
قال المفسرون: إن موسى (عليه السلام) تطهر وطهر ثيابه لميعاد ربه فلما أتى بطور سيناء " * (وكلمه ربه) *) وناجاه وأدناه حتى سمع حروف القلم فاستجلى كلامه واشتاق (إلى رؤيته) وطمع فيها " * (قال ربي أرني أنظر إليك) *) قال ابن عباس: أعطني أنظر إليك " * (قال) *) الله تعالى " * (لن تراني) *) وليس بشرا (لا) يطيق النظر إلي في الدنيا، من نظر إلي مات، فقال له: سمعت كلامك واشتقت إلى النظر إليك (فلئن) أنظر إليك وأموت أحب إلي من أن أعيش ولا أراك فقال الله تعالى " * (ولكن انظر إلى الجبل) *) فهو أعظم جبل بمدين يقال له: زبير فلما سمعت الجبال ذلك تعاظمت رجاء أن يتجلى منها الله لها وجعل زبير يتواضع من تبيان فلما رأى الله تعالى تواضعه رفعه من بينهما وخصه بالتجلي.
قال السدي: لما كلم الله موسى خاض الخبيث إبليس في الأرض حتى خرج بين قدمي موسى فوسوس إليه وقال: إن مكلمك الشيطان فعند ذلك سأل الرؤية فقال الله تعالى: لن تراني (......) تعلقت (......) الرؤية بهذه الآية، ولا دليل لهم فيها لأن (لن) ههنا لا توجب التأبيد وإنما هي للتوقيت لقوله تعالى حكاية عن اليهود " * (لن يتمنوه أبدا بما قدمت) *) يعني الموت ثم حكى عنهم أنهم يقولون لمالك " * (يا مالك ليقض علينا ربك) *). و " * (ياليتها كانت القاضية) *) يعني الموت، وقال سبحانه " * (لن تنالوا البر) *) يعني الجنة " * (حتى تنفقوا مما تحبون) *) وقد يدخل الجنة من لا ينفق مما (علمت) فمعنى الآية لن تراني في الدنيا وإنما تراني في العقبى.
قال عبد العزيز بن يحيى: قوله " * (لن تراني) *) جواب قول موسى (أرني أنظر إليك) ولا تقع على الآخرة، لأن موسى لم يقل أرني أنظر إليك في الآخرة إنما سأله الرؤية في الدنيا فأجيب عما سأل ولا حجة فيه لمن أنكر الرؤية.
وقيل: معنى " * (لن تراني) *) أي لا تقدر أن تراني، وقيل: معناه لن تراني بعين فانية وإنما تراني بعين باقية، وقيل: لن تراني قبل محمد وأمته وإنما تراني بعد محمد وأمته، وقيل: معناه