وقال عبد الله بن سلام وكعب الأحبار: ما تجلى من عظمة الله للجبل إلا مثل سم الخياط، يعني صار دكا.
وقال السدي: ما تجلى منه إلا قدر الخنصر. يدل عليه ما روى عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية فقال: هكذا، ووضع الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر، فساخ الجبل.
وقال سفيان: ساخ الجبل في الأرض حتى وقع في البحر فهو يذهب معه.
وقال أبو بكر الهذلي: انقعر فدخل تحت الأرض فلا يظهر إلى يوم القيامة.
وقال عطية العوفي: جعله دكا أي رملا هائلا، وقال الكلبي: جعله دكا أي كسرا جبالا صغيرا. قال الحسن: جعله دكا أي ذاهبا أصلا. وقال مسروق: صار صغيرا (كالرابية).
الحسن: أوحى الله تعالى إلى الجبل هل تطيق رؤيتي فغار الجبل وساخ في الأرض وموسى ينظر حتى ذهب أجمع.
وقال قطرب: فلما تجلى ربه أي: أمر ربه للجبل كقوله. " * (وأسأل القرية التي كنا فيها) *).
وقال المبرد: معناه فلما تجلى ربه آية للجبل جعله فعلا متعديا (كالتخلص والتبدل والتوعد).
وقال أبو بكر محمد بن عمر الوراق: حكي لي عن سهل بن سعد الساعدي أن الله تعالى أظهر من (وراء) سبعين ألف حجاب ضوءا قدر الدرهم فجعل الجبل دكا.
وقال أبو بكر: فعذب إذ ذاك كل ماء وأفاق كل مجنون وبرأ كل مريض. وزالت الأشواك عن الأشجار وخصبت الأرض وأزهرت وخمدت نيران المجوس. وخرت الأصنام لوجهها " * (جعله دكا) *) مستويا بالأرض. وقال ابن عباس: جعله ترابا.
عن معونة بن قرة عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " * (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) *): (طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة: أحد وورقان، ورضوى. ووقع ثلاثة بمكة ثور وثبيرة وحراء).
واختلفت القراءة في هذا الحرف، وقرأ عاصم " * (دكا) *) بالقصر والتنوين. والتي في الكهف بالمد، وقرأ غيره من أهل الكوفة وحمير (دكاء) ممدودة غير مجراه في التنوين.