تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٤
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم.
(وحدثنا) أبو القاسم الحبيبي في بعضها. قال: أنشدنا أبو الحسن المظفر بن محمد بن غالب قال: أنشدنا نفطويه:
إن الكريم إذا تشاء خدعته وترى اللئيم مجربا لا يخدع " * (إني لكما من الناصحين فدلهما بغرور) *) يعني فخدعهما يقال: ما زال فلان يدلي لفلان يعرفة، يعني ما زال يخطئه ويكلمه بزخرف القول الباطل، وقال مقاتل: فزين لهما الباطل.
وقال الحسن بن الفضل: يعني تعلقهما بغرور، يقال: تدلي بنفسه ودلى غيره. ولا يكون التدلي إلا من علو إلى أسفل، وقيل أصله دللهما فأبدل من إحدى اللامات ياء، كقوله: (تمطى) و (دساها)، وقال أبو عبيدة: دليهما أخذ لهما وكلاهما من تدلين الدلو إذا أرسلتها في البئر لتملأها " * (فلما ذاقا الشجرة) *) أكلا منها ووصل إلى بطنيهما " * (بدت) *) ظهرت " * (لهما سوءاتهما) *) عوراتهما وتهافت عنهما لباسهما حتى أبصر كل واحد منهما ما ورى عنه من عورة صاحبه وكانا لا يريان ذلك.
قال قتادة: كان لباس آدم وحواء في الجنة ظفر أكله فلما واقعا الذنب كشط عنهما وبدت سوءاتهما فأستحيا " * (وطفقا يخصفان) *) (يوقعان) ويشدان (ويمزقان ويصلان) * * (عليهما من ورق الجنة) *) وهو ورق التين حتى صار بهيئة الثوب ومنه خصف النعل.
وروى أبي بن كعب: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان آدم رجلا (طوالا) كأنه نخلة (سحوق) كثير شعر الرأس فلما وقع في الخطيئة بدت له سوءاته وكان لا يراها فانطلق هاربا في الجنة فعرضت له شجرة من شجر الجنة فحسبه بشر. فقال: أرسلني، قالت: لست بمرسلتك، فناداه ربه يا آدم أمني تفر، قال: لا يا رب ولكني أستحيي منك).
وقال ابن عباس وقتادة: قال الله عز وجل لآدم: ألم يكن لك فيما أبحته ومنحته لك من الجنة (مندوحة) من الشجرة، قال: على عهدي ولكن ما ظننت أن أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا، قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش (إلا نكدا) فاهبطا من الجنة، فكانا يأكلان رغدا إلى غير رغد من طعام وشراب، تعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكل ثم بلعه حتى بلغ منه ما شاء الله أن بلغ " * (وناداهما ربهما ألم أنهكما) *) الآية، قال محمد بن قيس: ناداه ربه يا آدم لم أكلت منها وقد
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»