لام الابتداء أدخلت على ما الخبر كقول القائل: لزيد أفضل منك، وما آتيتكم والذي بعده صلة له وجوابه في قوله: " * (لتؤمنن به) *) فإن شئت جعلت خبر ما من كتاب الله وتقول من زائدة معناها: لما آتيتكم كتاب وحكمة، ثم ابتدأ فقال: " * (ثم) *) يعني: ثم يجيئكم، وإن شئت قلت: ثم أن جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به.
" * (ولتنصرنه) *): اللام لام القسم تقديره: والله لتؤمنن به. فأكد في أول الكلام بلام التأكيد، وفي آخر الكلام بلام القسم.
وقال الفراء: من فتح اللام جعلها لاما زائدة لقوله: اليمين إذا وقعت على جملة صيرت فعل ذلك الجزاء على هيئة فعل، وصيرت جوابه كجواب اليمين، والمعنى: أي كتاب آتيتكم ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، للام في قوله لتؤمنن به.
وقال المبرد والزجاج: هذه لام التحقيق دخلت على ما الجزاء كما تدخل على أن، ومعناه: مهما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، اللام في قوله لتؤمنن به جواب الجزاء كقوله: " * (ولئن شئنا لنذهبن) *) ونحوه.
وقال الكسائي: لتؤمنن: متصل بالكلام الأول وجواب الجزاء في قوله: " * (فمن تولى بعد ذلك) *)، ومن كسر اللام فهي لام الإضافة دخلت على ما الذي، ومعناه: الذي آتيتكم يعني: أخذ ميثاق النبيين لأجل الذي أمامهم من كتاب وحكمة ثم أن جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به من بعد الميثاق؛ لأن أخذ الميثاق بمنزلة الاستحلاف، وهو كما نقول في الكلام أخذت ميثاقك لتفعلن كذا وكذا كأنك قلت: استحلفتك لتفعلن.
وقال صاحب النظم: من كسر اللام فهو بمعنى بعد يعني: بعد ما آتيتكم من كتاب وحكمة، كقول النابغة:
توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع أي: بعد ستة أعوام، ومن شدد الميم فمعناه: حين آتيتكم لقوله تعالى " * (آتيتكم) *).
قرأ أهل الكوفة: آتيناكم على التعظيم، وقرأ الآخرون: آتيتكم على التفريد، وهو الاختيار لموافقة الخط كقوله: " * (وأنا معكم) *) والقول مثمر في الآية على الأوجه الثلاثة تقديرها: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين).
واختلف المفسرون في معنى هذه الآية، فقال قوم: إنما أخذ الميثاق على الأنبياء أن