تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
الكلبي: نزلت في أحد عشر أصحاب الحرث بن سويد، لما رجع الحرث قالوا: نقيم بمكة على الكفر ما بدا لنا، فمتى ما أردنا الرجعة رجعنا، فينزل فينا ما نزل في الحرث، فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دخل في الإسلام من دخل منهم فقبلت توبته، فنزل فيمن مات منهم كافرا " * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار) *) الآية، فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: " * (لن تقبل توبتهم) *) وقد سبقت حكمة الله تعالى في قبول توبة من تاب؟ قلنا: اختلف العلماء فيه، فقال بعضهم: لن يقبل توبتهم عند الغرغرة والحشرجة.
قال الحسن وقتادة وعطاء: لن يقبل توبتهم لأنهم لا يؤمنون إلا عند حضور الموت، قال الله تعالى: " * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن...) *) الآية.
مجاهد: لن يقبل توبتهم بعد الموت إذا ماتوا على الكفر. ابن عباس وأبو العالية: لن يقبل توبتهم ما أقاموا على كفرهم " * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) *) أي حشوها، وقدر ما يملأ الأرض من شرقها إلى غربها ذهبا، نصب على التفسير في قول الفراء.
وقال المفضل: ومعنى التفسير أن يكون الكلام تاما وهو مبهم، كقولك: عندي عشرون، فالعدد معلوم والمعدود مبهم، وإذا قلت: عشرون درهما فسرت العدد، وكذلك إذا قلت: هو أحسن الناس، فقد أخبرت عن حسنه ولم تبين في أي شيء هو، فإذا قلت: وجها أو فعلا منه فإنك بينته ونصبته على التفسير، وإنما نصبته لأنه ليس له ما يخفضه ولا ما يرفعه، فلما خلا من هذين نصب لأن النصب أخف الحركات فجعل لكل ما لا عامل فيه، وقال الكسائي: نصب ذهبا على إضمار من، أي من ذهب كقولهم: وعدل ذلك صياما أي من صيام.
" * (ولو افتدى به) *): روى قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به؟ فيقول: نعم، فيقال لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك)، قال الله: " * (أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) *).
" * (لن تنالوا البر) *): يعني الجنة، قاله ابن عباس ومجاهد وعمر بن ميمون والسدي، وقال عطية: يعني الطاعة.
أبو روق: يعني الخير، مقاتل بن حيان: التقوى، الحسن: لن يكونوا أبرارا
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»