تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١١٥
وقال بعضهم: هو أول بيت وضع: بني في الأرض، يروى أن علي بن الحسين سئل عن بدء الطوفان، فقال: إن الله تعالى وضع تحت العرش بيتا وهو البيت المعمور الذي ذكره الله، وقال للملائكة: طوفوا به ودعوا العرش، فطافت الملائكة به وتركوا العرش، وكان أهون عليهم، ثم أمر الله الملائكة الذين يسكنون في الأرض أن يبنوا له في الأرض بيتا على مثاله وقدره، فبنوا، واسمه الضراح، وأمر من في الأرض من خلقه أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
وقيل: هو أول بيت بناه آدم في الأرض، قاله ابن عباس.
وقال الضحاك: إن أول بيت وضع فيه البركة وأحسن من الفردوس الأعلى.
وروى سماك عن خالد بن عرعرة قال: قام رجل إلى علي (رضي الله عنه) فقال: ألا تخبرني عن البيت؟ أهو أول بيت كان في الأرض؟ قال: لا، فأين كان قوم نوح وعاد وثمود، ولكنه أول بيت مبارك وهدى وضع للناس.
وقيل: إن أول بيت وضع للناس يحج إليه لله، وروي ذلك عن ابن عباس أيضا، وقيل: هو أول بيت جعل قبلة للناس.
وقال الحسن والكلبي والفراء: معناه: إن أول مسجد ومتعبد وضع للناس يعبد الله فيه، يدل عليه قوله: " * (أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) *) يعني مساجدهم واجعلوا بيوتكم قبلة، وقوله: " * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) *) يعني المساجد.
إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أول مسجد وضع للناس، قال: (المسجد الحرام ثم بيت المقدس)، وسئل: كم بينهما قال: أربعون عاما حيث ما أدركتك الصلاة فصل فثم سجد للذي ببكة.
قال الضحاك والمدرج: هي مكة، والعرب تعاقب بين الباء والميم، فتقول: سبد رأسه وسمد، واغبطت عليه الحمى واغمطت، وضربة لازم ولازب.
وقال ابن شهاب وضمرة بن ربيعة: بكة: المسجد والبيت، ومكة: الحرم كله.
وقال الآخرون: مكة اسم البلد كله، وبكة موضع البيت والمطاف، وسميت بكة لأن الناس يتباكون فيها: أي يزدحمون، يبكي بعضهم بعضا، ويصلي بعضهم بين يدي بعض، ويمر بعضهم بين يدي بعض، لا يصلح ذلك إلا بمكة.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»