تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
" * (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم) *): لفظه استفهام ومعناه جحد، أي لا يهدي الله.
قال الشاعر:
كيف نومي على الفراش ولما تشمل الشام غارة شعواء أي لا نوم لي، نظير قوله: " * (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) *): أي لا يكون لهم عهد، وقيل: معناه كيف يستحقون العبادة؟ وقيل: معناه كيف يهديهم الله للمغفرة إلى الجنة والثواب؟
" * (والله لا يهدي القوم الظالمين) *) أي لا يرشدهم ولا يوفقهم، وهو خاص فيمن علم الله عز وجل منهم، وأراد ذلك منهم، وقيل: معناه: لا يثيبهم ولا ينجيهم (إلى الجنة). " * (أولئك جزاؤهم...) *) إلى قوله: " * (إلا الذين تابوا) *) وذلك أن الحرث بن سويد لما لحق بالكفار ندم، فأرسل إلى قومه أن اسألوا رسول الله هل له من توبة؟ ففعلوا ذلك فأنزل الله تعالى: " * (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) *) لما كان، فحملها إليه رجل من قومه وقرأها عليه، فقال الحرث: إنك والله ما علمت لصدوق، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك، وأن الله عز وجل لأصدق الثلاثة، فرجع الحرث إلى المدينة وأسلم وحسن إسلامه.
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه ولحق بالروم فتنصر، فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآيات: " * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا...) *).
قال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني: نزلت هذه الآية في اليهود، كفروا بعيسى (عليه السلام) والإنجيل بعد إيمانهم بأنبيائهم وكتبهم، ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن.
أبو العالية: نزلت في اليهود والنصارى، كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم لما رأوه وعرفوه بعد إيمانهم بنعته وصفته في كتبهم، ثم ازدادوا ذنوبا في حال كفرهم. مجاهد: نزلت في الكفار كلهم، أشركوا بعد إقرارهم بأن الله خالقهم، ثم ازدادوا كفرا أي أقاموا على كفرهم حتى هلكوا عليه. الحسن: كلما نزلت عليم آية كفروا بها فازدادوا كفرا. قطرب: كما ازدادوا كفرا بقولهم نتربص بمحمد ريب المنون
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»