تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٠١
لوى الله علم الغيب عم سواءه ويعلم منه ما مضى وتأخرا ونظيره قوله: " * (وإن تلووا أو تعرضوا....) *) الآية.
" * (لتحسبوه) *): لتظنوا ما حرفوا " * (من الكتاب) *): الذي أنزله الله.
" * (وما هو من الكتاب ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) *): إنهم كاذبون.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: إن الآية نزلت في اليهود والنصارى جميعا والذين هم حرفوا التوراة والإنجيل، وضربوا كتاب الله بعضه ببعض وألحقوا به ما ليس منه فأسقطوا منه الدين الحنفي، فبين الله تعالى كذبهم للمؤمنين.
" * (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة) *) الآية.
قال الضحاك ومقاتل: ما كان لبشر يعني عيسى (عليه السلام) * * (أن يؤتيه الله الكتاب) *) يؤتى الحكمة. نزلت في نصارى أهل نجران.
وقال ابن عباس وعطاء: ما كان لبشر يعني محمدا صلى الله عليه وسلم أن يؤتيه الله الكتاب: يعني القرآن؛ وذلك أن أبا رافع القرظي من اليهود والرئيس من نصارى أهل نجران قالا: يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني). فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الحسن: بلغني أن رجلا قال: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض، أفلا نسجد لك؟ قال: (لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله). فأنزل الله " * (ما كان لبشر) *): يعني ما ينبغي لبشر، كقوله " * (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا) *) وكقوله " * (ما يكون لنا أن نتكلم بهذا) *): يعني ما ينبغي.
وقال أهل المعاني: هذه اللام منقولة وأن بمعنى اللام، وتقدير الآية: ما كان لبشر ليقول ذلك نظير قوله: " * (ما كان لله أن يتخذ من ولد) *): أي ما كان الله ليتخذ ولدا وقوله " * (ما كان لنبي أن يغل) *) أي ما كان لنبى ليغل. والبشر جميع بني آدم لا واحد من لفظه: كالقوم والجيش، ويوضع موضع الواحد والجمع
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»