تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٣
بشهر وأيام.
وقال الحسن وجماعة من العلماء: أراد بالذين من قبلنا: النصارى شبه صيامنا بصيامهم لا تفاقهم بالوقت والقدر؛ وذلك ان الله فرض على النصارى صيام شهر رمضان. فاشتد ذلك عليهم؛ لأنه ربما كان في الحر الشديد والبرد الشديد. فكان يضر بهم في أسفارهم ومعائشهم، واجتمع رأي علمائهم ورؤسائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف فجعلوه في الربيع وزادوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا فصار أربعين ثم إن ملكا لهم اشتكى فمه فجعل الله عليه إن هو بورأ من وجعه أن يزيد في صومه إسبوعا فبرأ فزاد فيه أسبوع ثم مات ذلك الملك ووليهم ملك آخر فقال: أتموا خمسين يوما فأتموه خمسين يوما، وقال مجاهد أصابهم موتان فقالوا: زيدوا في صيامكم فزادوا عشرا قبل وعشرا بعد.
روى أبو أمية الطنافسي عن الشعبي قال: لو صمت السنة كلها وفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال من شعبان ويقال من رمضان، وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا فحولوه إلى الفصل وذلك إنهم ربما كانوا صاموه في القيظ فعدوا ثلاثين يوما ثم جاء بعدهم قرن منهم فأخذوا بالثقة في أنفسهم فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما ثم لم يزل الآخر يستن بسنة القرن الذي قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما فذلك قوله عز وجل: * (كما كتب على الذين من قبلكم) * * (لعلكم تتقون) *) لكي تتقوا الأكل والشرب والجماع.
" * (أياما معدودات) *) يعني شهر رمضان ثلاثين يوما أوتسعة وعشرون يوما لما روى سعيد بن العاص إنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنا أمة أمية لاتحسب ولا تكتب الشهر هكذا وهكذا وهكذا) وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا تمام ثلاثين.
ونصب أياما على الظرف أي: في أيام، وقيل: على التفسير.
وقيل: على خبر مالم يسم فاعله، وقيل: باضمار فعل أي صوموا أياما معدودات.
" * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة) *) أي فأفطر فعدة كقوله: " * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية) *): أي فحلق أو قصر ففدية واقصر وقوله: " * (فعدة) *) أي فعليه عدة ولذلك رفع.
وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة: فعدة نصبا أي فليصم عدة.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»