تعالى: " * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) *) أي خيارا وعدلا، وقال تعالى: " * (قال أوسطهم) *) أي خيرهم وأفضلهم، وقال أعرابي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يا أوسط الناس طرا في مفاخرهم وأكرم الناس أما برة وأبا واختلف العلماء في الوسطى وأي صلاة هي، فقال سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها هكذا في الاختلاف، وشبك من أصابعه، فقال قوم: هي صلاة الفجر، وهو قول معاذ وعمر وابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله وعطاء وعكرمة والربيع ومجاهد وعبد الله بن شداد بن الهاد، وعن موسى بن وهب قال: سمعت أبا أمامة وقد سئل عن الصلاة الوسطى قال: لا أحسبها إلا صلاة الصبح. معمر بن طاوس عن أبيه وإسماعيل بن شروس عن عكرمة قالا: هي الصبح يعني الصلاة الوسطى، وهو اختيار الإمام أبي عبد الله الشافعي، يدل عليه ما روى الربيع عن أبي العالية أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فلما أن فرغوا قال: قلت لهم: أيتهن الصلاة الوسطى؟ قالوا: التي صليتها، قيل: ولأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار.
وروى عكرمة عن ابن عباس قال: هي صلاة الصبح، وسطت فكانت بين الليل والنهار، يصلى في سواد من الليل وبياض من النهار، وهي أكبر الصلوات تفوت الناس، ولأنها لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها، ولأنها بين صلاتين تجمعان، وتصديق هذا التأويل من التنزيل دالا على التخصيص والتفضيل قوله تعالى " * (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) *) يعني تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، مكتوب في ديوان الليل وديوان النهار، ودليل آخر من سياق الآية وهو أنه عقبها بقوله " * (وقوموا لله قانتين) *) يعني وقوموا لله فيها قانتين، قالوا: ولا صلاة مكتوبة فيها قنوت سوى صلاة الفجر فعلم أنها هي، وفيه دليل على ثبوت القنوت.
وقال أبو رجاء العطاردي: صلى بنا ابن عباس في مسجد البصرة صلاة الغداة، فقنت بنا قبل الركوع ورفع يديه، فلما فرغ قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين، والدليل عليه ما روى حنظلة عن أنس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا وقال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا.
ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات، وعثمان حتى مات، وعلي حتى مات، وقال آخرون: هي صلاة الظهر وهو قول زيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة بن زيد وعائشة.
روى عروة عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالهاجرة وكانت أثقل الصلوات على