تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٤
سلمتم أجور المراضع إليهن.
وقيل: إذا سلمتم الاسترضاع عن تراض واتفاق دون الضرار وذلك قوله تعالى " * (ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير والذين يتوفون منكم) *) أي يقبضون ويموتون، وأصل التوفي أخذ الشيء وافيا، وقرأ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بفتح الياء أي يتوفون أعمارهم وأرزاقهم وتوفى واستوفى بمعنى واحد " * (ويذرون) *) ويتركون " * (أزواجا يتربصن) *) فإن قيل: فأين الخبر عن قوله " * (والذين يتوفون منكم) *) قيل: هو متروك فإنه لم يقصد الخبر عنهم، وذلك جائز في الاسم يذكر ويكون تمام خبره في اسم آخر، أن يقول الأول ويخبر عن الثاني فيكون معناه " * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) *) كقول الشاعر:
بني أسد أن ابن قيس وقتله بغير دم دار المذلة حلت فألغى ابن قيس وقد ابتدأ بذكره، وأخبر عن قتله أنه ذل، وأنشد:
لعلي أن مالت بي الريح ميلة على ابن أبي ذبان أن يتندما فقال: لعلي ثم قال: يتندما لأن المعنى فيه عدا قول الفراء.
وقال الزجاج: معناه: " * (والذين يتوفون ويذرون أزواجا) *) أزواجهم يتربصن بأنفسهن.
وقال الأخفش: خبره في قوله " * (يتربصن) *) أي يتربصن بعدهم.
وقال قطرب: معناه ينبغي لهن أن يتربصن أي ينتظرن ويحتبسن بأنفسهن، معتدات على أزواجهن، تاركات الطيب والزينة والأزواج والنقلة عن المسكن الذي كن يسكنه في حياة أزواجهن أربعة أشهر وعشرا إلا أن يكن حوامل فيتربصن إلى أن يضعن حملهن، فإذا ولدن انقضت عدتهن.
روى الزهري عن عروة عن عائشة أنها كانت تفتي للمتوفى عنها زوجها حتى تنقضي عدتها أن لا تلبس مصبوغا، وتلبس البياض ولا تلبس السواد، ولا تتزين ولا تلبس حليا ولا تكتحل بالأثمد ولا بكحل فيه طيب وإن وجعت عينها، ولكنها تتحلى بالصبر وما بدا لها من الأكحال سوى الأثمد مما ليس فيه طيب.
وروى نافع عن زينب بنت أم سلمة أن امرأة من قريش جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن ابنتي توفي زوجها وقد اشتكت عينها حتى خفت على عينها وهي تريد الكحل، فقال عليه الصلاة والسلام: (قد كانت احداكن تلبس أطمار ثيابها وتجلس في أخس بيوتها وتمكث حولا
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»