تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٠
قروء والجمع الكثير أقراء وقرؤ، واختلف الفقهاء في القروء، فقال قوم: هي الحيض، وهو قول علي وعمر وابن مسعود وأبي موسى الأشعري ومجاهد ومقاتل بن حيان، ومذهب سفيان وأبي حنيفة وأهل الكوفة، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: (دعي الصلاة أيام أقرائك) والصلاة إنما تترك في حال الحيض، يقول الراجز أنشده تغلب عن ابن الأعرابي:
له قروء كقروء الحائض يعني أن عداوته تهيج في أوقات معلومة كما أن المرأة تحيض بأوقات معلومة، فمن قال بهذا القول قال: لا تحل المرأة للأزواج ولا تخرج من عدتها ما لم تنقض الحيضة الثالثة، يدل عليه ما روى الزهري عن ابن المسيب أن عليا قال في الرجل يطلق امرأته واحدة أو ثنتين: (لا) يحل لزوجها الرجعة إليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة.
وقال آخرون: هي الأطهار وهو قول زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة ومذهب مالك والشافعي وأهل المدينة، واحتجوا بقوله " * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء طلقوهن لعدتهن) *) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما طلق ابن عمر امرأة وهي حائض لعمر: مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك، وتلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله عز وجل " * (إذا طلقتم النساء فطلقوهن) *) فأخبر صلى الله عليه وسلم أن العدة الأطهار من الحيض وقرأ " * (فطلقوهن) *) لتتم عدتهن، وهو أن يطلقها طاهرا لأنها حينئذ تستقبل عدتها، ولو طلقت أيضا لم تكن مستقبلة عدتها إلا بعد الحيض، ويدل على تلك القروء والأطهار قول الشاعر وهو الأعشى:
وفي كل عام أنت جاشم غزوة تشد لأقصاها عزيم غزائكا مورثة مالا وفي الحي رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا والقرء في هذا البيت الطهر، لأنه خرج إلى الغزو ولم يغش نساءه فأضاع اقراءهن أي أطهارهن، ومن قال بهذا القول قال: إذا حاضت المرأة الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها وحلت للزواج، يدل عليه ما روى الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة، قالت: إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج، قالت عمرة: وكانت عائشة تقول: القرء: الطهر ليس الحيض.
ابن شهاب قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا، يريد قول عائشة الأقراء الأطهار، وإنما وقع هذا الاختلاف لأن القرء في اللغة
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»