تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٦
الله صلى الله عليه وسلم قال: (من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصية الله فلا يمين له).
وروت عمرة عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من حلف على قطيعة رحم أو معصية فبره أن يحنث منها ويرجع عن يمينه).
وروى حماد عن إبراهيم قال: لغو اليمين أن يصل الرجل كلامه بأن يحلف: والله لا آكلن أو لا أشربن، ونحو هذا لا يتعمد به اليمين ولا يريد حلفا فليس عليه كفارة يدل عليه ما روى عوف الأعرابي عن الحسين بن أبي الحسن، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون ومعه رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم فقال: أصبت والله وأخطأت، فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم حنث الرجل، قال والله، فقال: (كلا، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة).
وقالت عائشة: أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعقد القلب عليه.
وقال زيد بن أسلم: هو دعاء الحالف على نفسه كقوله: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا، أخرجني من مالي إن لم أرك غدا، أو تقول: هو كافر إن فعل كذا، فهذا كله لغو إذا كان باللسان دون القلب لا يؤاخذه الله بها حتى يكون ذلك من قلبه ولو واحدة بها لهلك، يدل عليه قوله " * (ويدع الإنسان بالشر دعائه بالخير وكان الإنسان عجولا ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم) *).
الضحاك: هو اليمين المكفر وسمي لغوا لأن الكفارة تسقط منه الإثم، تقديره: لا يؤاخذكم الله بالاثم في اليمين إذا كفرتم. المغيرة عن إبراهيم: هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينسى فيحنث (بالله) فلا يؤاخذه الله عز وجل به، دليله قوله صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
" * (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) *) أي عزمتم وقصدتم وتعمدتم لأن كسب القلب العقد على الشيء والنية.
" * (والله غفور حليم) *) الآية.
اعلم أن الأيمان على وجوه: منها أن يحلف على طاعة كقوله: والله لأصلين أو لأصومن أو لأحجن أو لأتصدقن ونحوها، فإن كان فرضا عليه فالواجب عليه أن لا يحنث، فإن حنث
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»