تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٤
" * (الطلاق مرتان) *) فأين الثالثة؟ قال " * (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) *).
وقال المفسرون: معنى الآية الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان " * (فإمساك بمعروف) *) أي عليه إمساك بمعروف أي يراجعها في التطليقة الثالثة " * (أو تسريح بإحسان) *) بعدها ولا يضارها فإن طلقها واحدة أو ثنتين فهو أملك برجعتها ما دامت في العدة، فإذا انقضت العدة فهي أحق بنفسها، وجاز أن يراجعها عن تراض منهما بنكاح جديد، فإن طلقها الثالثة بانت منه وكانت أحق بنفسها منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
" * (ولا يحل لكم أن تأخذوا) *) في حال الاستبدال والطلاق " * (مما آتيتموهن شيئا) *) أعطيتموهن من المهور وغيرها، ثم استثنى الخلع فقال " * (إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) *) نزلت هذه الآية في جميلة بنت عبد الله بن أبي أوفى تزوجها ثابت بن قيس بن شماس، وكانت تبغضه بغضا شديدا، وكان يحبها حبا شديدا، وكان بينهما كلام فأتت أباها فشكت إليه زوجها وقالت: إنه يسيء إلي ويضربني، فقال لها: ارجعي إلى زوجك فوالله إني لأكره للمرأة أن لا تزال رافعة يدها تشكو زوجها، فرجعت إليه الثانية وبها أثر الضرب، فشكت إليه فقال لها: ارجعي إلى زوجك، فلما رأت أن أباها لا يشكيها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه زوجها وأرته آثارا بها من الضرب وقالت: يا رسول الله لا أنا ولا هو، قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت بن قيس فقال: يا ثابت مالك ولأهلك؟ قال: والذي بعثك بالحق ما على ظهر الأرض أحب إلي منها غيرك، قال لها: ما تقولين؟ فكرهت أن تكذب رسول الله حين سألها، فقالت: صدق يا رسول الله، ولكني خشيت أن يهلكني فأخرجني منه يا رسول الله، فقال: إني قد أعطيتها حديقة لي فقل لها فلتردها علي وأنا أخلي سبيلها، قال لها: ما تقولين تردين إليه حديقته وتملكين أمرك؟ قالت: نعم، وأنا لا أريده، قال: لا، حديقته فقط.
ثم قالت: يا رسول الله ما كنت أحدثك اليوم حديثا ينزل عليك خلافه غدا هو من أكرم الناس حبه لزوجته ولكني أبغضه، فلا هو ولا أنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (يا ثابت خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها) ففعل، وكان أول خلع في الإسلام، فأنزل الله عز وجل " * (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا) *) يعلما، وتصديقه قراءة أبي: إلا أن يظنا، وقال محجن:
فلا تدفنني بالفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها أي أعلم، وقرأ أبو جعفر وحمزة ويعقوب: (يخافا) بضم الياء أي يعلم ذلك منهما اعتبارا
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»