تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
واللغو واللغاء في الكلام ما لا خير فيه ولا معنى له، ونظيره في اللغة صفو فلان معك وصفاه، قال الله تعالى: " * (والذين هم عن اللغو معرضون) *) وقال تعالى: " * (لا يسمعون فيها لغوا) *) قال أمية:
فلا لغو ولا تأثيم فيها وما فاهوا به لهم مقيم وقال العجاج:
ورب أسراب الحجيج الكظم عن اللغا ورفث التكلم واختلف العلماء في لغو اليمين المذكور في هذه الآية، فقال قوم هو ما يسبق به لسان الإنسان من الايمان على سرعة وعجلة ليصل به كلامه من غير عقد ولا قصد، مثل قول القائل: لا والله وبلى والله وكلا والله ونحوها، فهذا لا كفارة فيه ولا إثم.
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة " * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) *) قالت: قول الإنسان لا والله وبلى والله، وعلى هذا القول الشعبي وعكرمة ومجاهد في رواية الحكم، وقال الفرزدق:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد صاغرات العزايم وقال آخرون: لغو اليمين هو أن يحلف الإنسان على الشيء يرى أنه صادق فيه ثم يتبين أنه خلاف ذلك، فهو خطأ منه من غير عمد، ولا كفارة عليه ولا إثم، وهو قول الزهري والحسن وسليمان بن يسار وإبراهيم النخعي وأبي مالك وقتادة والربيع وزرارة بن أوفى ومكحول والسدي وابن عباس في رواية الوالبي، وعن أحمد برواية ابن أبي نجيح.
وقال علي وطاووس: اللغو اليمين في حال الغضب والضجر من غير عزم ولا عقد، ومثله روى عطاء عن وسيم عن ابن عباس، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم (لا يمين في غضب). وقال بعضهم: هو اليمين في المعصية لا يؤاخذ به الله عز وجل في الحنث فيها، بل يحنث في يمينه ويكفر، قاله سعيد بن جبير، وقال غيره: ليس فيه كفارة.
وقال مسروق: في الرجل الذي يحلف على المعصية ليس عليه كفارة. الكفر عن خطوات الشيطان، ومثله روى عكرمة عن ابن عباس، وقال الشعبي: في الرجل الذي يحلف على المعصية كفارته أن يتوب منها، فكل يمين لا يحل لك أن تفي بها فليس فيها كفارة، فلو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله، يدل عليه ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»