فتركها قوم لقوله " * (فيهما إثم كبير) *) وقالوا: لا حاجة لنا في شيء فيه إثم كبير لقوله: " * (ومنافع للناس) *) وكانوا يتمتعون بمنافعها ويجتنبون آثامها إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمامهم الخمر فشربوا وسكروا، وحضرت صلاة المغرب فقدموا بعضهم ليصلي بهم فقرأ (قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون) إلى آخر السورة فحذف " * (لا) *) فأنزل الله " * (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) *) فحرم المسكر في أوقات الصلاة فقال عمر: إن الله يقارب في النهي عن شرب الخمرة، فلا أراه إلا وسيحرمها فلما نزلت (حرم الله) تركها قوم وقالوا: لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة.
وكان قوم يشربونها ويجلسون في بيوتهم، وكانوا يتركونها أوقات الصلاة، ويشربونها في غير حين الصلاة إلى أن شربها رجل من المسلمين فجعل ينوح على قتلى بدر ويقول:
تحيي بالسلامة أم بكر وهل لك بعد رهطك من سلام ذريني اصطبخ بكرا فإني ليت الموت يبعد عن خيام وود بنو المغيرة لو فدوه بألف من رجال أو سوام كأني بالطوي طوي بدر من الشيزي يكلل بالسنام كأني بالطوي طوي بدر من الفتيان والحلل الكرام فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج مسرعا يجر رداءه حتى انتهى إليه ورفع شيئا كان بيده ليضربه، فلما عاينه الرجل قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسول الله، والله لا أطعمها أبدا.
وكان من حمزة بن عبد المطلب ما روى الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم ودفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم نثاره من الخمس، (واعدت رجلا صواغا أن يرتحل معي فنأتي بأذخر أردت أن أبيعه) من الصواغين وأستعين بثمنه على الدخول بفاطمة وعرسها.
قال: فحملت شارفي عند حائط رجل من الأنصار ومضيت لأجمع الحبال والغرائر والأقتاب وجئت وقد بقر بطن شارفي واجتب أسنمتهما قال: فلم أملك عيني أن بكيت ثم