تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٤٣
قلت: من فعل هذا بشارفي؟ قالوا: عمك حمزة فعله وهذا هو في البيت معه شرب، عندهم قينة وحلفوا فقالت:
ألا يا حمز المشرف النواء (وهن معقلات بالفناء) زج السكين في اللبات منها فضرجهن حمزة بالدماء وأطعم من شراثحها كبابا مهلوجة على رهج الصلاء فأصلح من أطايبها طبيخا لشربك من قدير أو سواء فأنت أبا عمارة المرجى لكشف الضر عنا والبلاء فقام إلى شارفيك فقتلهما، (قال علي:) فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة معه مولاه زيد قال: (ما جاء بك) فداك أبي وأمي يا علي، قلت (ما فعل عمك) بشارفي وخبرته الخبر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس نعليه ورداءه ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد فسلم وأستأذن ودخل البيت وقال: يا حمزة ما حملك على ما فعلت بشارفي ابن أخيك؟ فرفع رأسه وجعل ينظر إلى يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى ساقيه، فصوب النظر إليه، ثم قال: ألستم وآباؤكم عبيد لأبي، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم القهقرى وقال: إن غنمك وجمالك علي (فغرمهما) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما أصبح غدا حمزة على رسول الله يعتذر فقال: مه يا عم فقد سألت الله فعفا عنك.
قالوا: واتخذ عتبان بن مالك طعاما فدعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص وكان قد شوى لهم رأس بعير، فأكلوا وشربوا الخمر حتى أخذت منهم، ثم إنهم افتخروا عند عتبان وانتسبوا وتناشدوا الأشعار، فأنشد سعد قصيدة فيها هجو الأنصار وفخر لقومه، فقام رجل من الأنصار وأخذ لحيي البعير فضرب به رأس سعد (فشجه شجة)، فانطلق سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الأنصاري فقال عمر (رضي الله عنه): اللهم بين لنا رأيك في الخمر بيانا وافيا، فأنزل الله تحريم الخمر في سورة المائدة " * (إنما الخمر والميسر) *) إلى " * (ينتهون) *) وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام فقال عمر: انتهينا يا رب.
قال أنس: حرمت ولم يكن يومئذ للعرب عيش أعجب منها إليهم يوم حرمت عليهم، ولم يكن شيء أثقل عليهم من تحريمها قال: فأخرجنا الحباب إلى الطريق فصببنا ما فيه، فمنا من كسر حبه، ومنا من غسله بالماء والطين، ولقد (غدت) أزقة المدينة بعد ذاك الحين كلما مطرت استبان بها لون الخمر وفاحت ريحها.
فأما ماهية الخمر فاختلف الفقهاء فيها فقال بعضهم: هو خاص فيما اعتصر من العنبة
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»