أجلها أو كتب على أولئك حينئذ؟ وأجرى بعضهم الآية على ظاهرها فقال: الغزو فرض واجب على المسلمين كلهم إلى قيام الساعة.
روى ابن أبي أنيسة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله ما لم يره بذنب، ولا يخرجه من الاسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطنه ضن ولا شك، والإيمان بالأقدار).
أبو صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) وقال بعضهم: هو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط من الباقين.
عن أحمد بن أنمار: ورد السلام وتسميت العاطس وهو القول الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور.
وقال الزهري والأوزاعي: كتب الله الجهاد على الناس غزوا أو قعدوا، فمن غزا فبها ونعمت، ومن قعد فهو حر، إن استعين به أعان وإن استنفر نفر وإن استغني عنه قعد، فإنما يرجح عليه عطاء الواجب المال وإلا فلا، من شاء غزا ومن شاء لم يغز، ويدل على صحة هذا القول قول الله تعالى " * (وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى) *)، ولو كان القاعدون مضيعين فرضا لكان لهم السوأى لا الحسنى والله أعلم. " * (وهو كره لكم) *) شاق عليكم، واتفق القراء على ضم الكاف ههنا إلا أبا عبد الرحمن السلمي، فإنه قرأها " * (وهو كره) *) بفتح الكاف وهما لغتان بمعنى واحد، مثل الغسل والغسل، والضعف والضعف، والرهب والرهب، وقال أكثر أهل اللغة: الكره بالضم المشقة وبالفتح الاجهاد. بعضهم: الكره بالفتح المصدر، وبالضم الاسم.
وقال أهل المعاني: هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما يدخل فيه على المال من المؤونة وعلى النفس من المشقة وعلى الروح من الخطر لأنهم أظهروا الكراهة أو كرهوا أمر الله عز وجل.
قال عكرمة: نسختها هذه الآية " * (وقالوا سمعنا وأطعنا) *) يعني أنهم كرهوه ثم أحبوه " * (وقالوا سمعنا وأطعنا) *) قال الله عز وجل: " * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) *) لأن في الغزو أحد الحسنيين إما الظفر والغنيمة، وإما الشهادة والجنة " * (وعسى أن تحبوا شيئا) *))