والعرب تسمي الوقت بقليله وكثيره فيقولون: أتيتك يوم الخميس، وإنما أتاه في ساعة منه، ويقولون: اليوم يومان منذ لم أره، وإنما هو يوم وبعض اخر ويقولون: زرتك العام.
وقال بعض أصحابنا: الاثنان فما فوقهما جماعة لأن الجمع ضم شيء إلى شيء، قلنا: جاز ان يسمي الاثنان بانفرادهما جماعة وجاز ان يسمي الاثنان وبعض الثالث جماعة، وقد سمى الله الاثنين جمعا في قوله " * (صغت قلوبكما) *) ولم يقل قلباكما.
وقال عروة بن الزبير وغيره: أراد بالأشهر شوالا وذا القعدة وذا الحجة (كاملا) لأنه يبقى على الحاج أمور بعد عرفة يجب عليه فعلها مثل الرمي والحلق والنحر والبيتوتة بمنى، فكأنها في حكم الحج.
حكم الآية فمن أحرم بالحج قبل أشهر الحج لم يجزه ذلك عن حجه ويكون ذلك عمرة، كمن دخل في صلاة قبل وقتها فتكون نافلة، وهو قول عطاء وطاوس ومجاهد ومذهب الأوزاعي والشافعي.
وقال مالك والثوري وأبو حنيفة ومحمد: يكره له ذلك وإن فعل أجزأه، ودليل الشافعي وأصحابه قوله " * (الحج أشهر معلومات) *) فخص هذه الأشهر بفرض الحج فيها فلو كان الاحرام بالحج في غير هذه الأشهر منعقدا جائزا لما كان بهذا التخصيص فائدة مثل الصلوات علقها بمواقيت لم يجز تقديمها عليها.
" * (فمن فرض فيهن الحج) *) أي فمن أوجب على نفسه فيهن الحج والإحرام والتلبية " * (فلا رفث ولا فسوق) *) وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: الرفث الفسوق بالرفع والتنوين، وجدال بالنصب.
كقول أمية:
فلا لغو ولا تأثيم فيها (وما قاموا) به لهم مقيم وقرأ أبو رجاء العطاردي، فلا رفث ولا فسوق نصبا ولا جدال يرفع بالتنوين.
كقول الأخفش:
هذا وجدكم (الصغار) بعينه لا أم لي إن كان ذاك ولا أب وقرأ أبو جعفر: كلها بالرفع والتنوين. وقرأ الباقون: كلها بالنصب من غير تنوين.
والعرب تقول في البرية هذان الوجهان ومن رفع بعضا ونصب بعضا كان جامعا للوجهين.