تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ١٧٧
قوله تعالى * (إنك ميت وإنهم ميتون) * ذلك أن كفار قريش قالوا * (نتربص به ريب المنون) * [الطور 30] يعني ننتظر موت محمد عليه السلام فنزل * (إنك ميت وإنهم ميتون) * يعني أنت ستموت وهم سيموتون ويقال * (إنك ميت وإنهم ميتون) * يعني إنك لميت لا محالة وإنهم لميتون لا محالة والشيء إذا قرب من الشيء سمي باسمه فالخلق كلهم إذا كانوا بقرب من الموت فكل واحد منهم يموت لا محالة فسماهم ميتين * (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) * أي تتكلمون بحججكم الكافر مع المؤمن والظالم مع المظلوم فإن قيل قد قال في آية أخرى * (لا تختصموا لدي) * [ق 28] قيل له إن في يوم القيامة ساعات كثيرة وأحوالها مختلفة مرة يختصمون ومرة لا يختصمون كما أنه قال فهم لا يتساءلون وقال في آية أخرى * (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) * [الصافات 27] يعني في حال يتساءلون وفي حال لا يتساءلون وهذا كما قال في موضع آخر " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان " [الرحمن 39] وقال في آية أخرى " فوربك لنسئلنهم أجمعين " [الحجر 92] وكما قال في آية أخرى لا يتكلمون وفي آية أخرى أنهم يتكلمون ونحو هذا كثير في القرآن وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى تتخاصم الروح والجسد فيقول الجسد إنما كنت بمنزلة جزع ملقى لا أستطيع شيئا وتقول الروح إنما كنت ريحا لا أستطيع أن أعمل شيئا فضرب لهما مثل الأعمى والمقعد فحمل الأعمى المقعد فيدله المقعد ببصره ويحمله الأعمى برجليه) وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أنس قال سألت أبا العالية عن قوله * (لا تختصموا لدي) * ثم قال * (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) * فكيف هذا قال أما قوله " لا تختصمون لدي " فهو لأهل الشرك وأما قوله * (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) * فهو لأهل القبلة يختصمون في مظالم ما بينهم سورة الزمر 32 - 35 قوله تعالى * (فمن أظلم) * يعني فلا أحد أظلم * (ممن كذب على الله) * بأن معه شريكا * (وكذب بالصدق إذ جاءه) * يعني بالقرآن والتوحيد ويقال * (وكذب بالصدق) * يعني بالصادق وهو النبي صلى الله عليه وسلم * (أليس في جهنم مثوى للكافرين) * يعني مأوى للذين يكفرون بالقرآن
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»