تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٢٧
قالوا قد بطل إيمانكم حيث تركتم القبلة فنزل * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * يعني يبطل إيمانكم وإنما تحولت قبلتكم قال الضحاك يعني لم يبطل تصديقكم بالقبلتين ثم قال تعالى * (إن الله بالناس لرؤوف رحيم) * يعني بالمؤمنين رحيم حين قبلها منهم ولم يضيع إيمانهم قرأ أبو عمرو حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر " لرؤف " بالهمزة على وزن رعف وقرأ الباقون * (رؤوف) * على وزن رؤوف في جميع القرآن وهما لغتان ومعناهما واحد سورة البقرة الآيات 144 - 145 قوله تعالى * (قد نرى تقلب وجهك في السماء) * يعني رفع بصرك إلى السماء وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل وددت لو أن الله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها وإنما أراد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم عليه السلام وقبلة الأنبياء عليهم السلام ولأنها كانت أدعى للعرب إلى الإسلام فقال جبريل إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا فاسأل ربك فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء فأنزل الله تعالى * (قد نرى تقلب وجهك في السماء) * يعني رفع بصرك إلى السماء * (فلنولينك) * يعني فلنحولنك ولنوجهنك في الصلاة * (قبلة ترضاها) * يقول تهواها إلى الكعبة فأمره الله تعالى بالتوجه فقال * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * يعني نحوه وتلقاءه * (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) * ثم قال تعالى * (وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم) * يعني أن القبلة إلى الكعبة هو الحق وهي قبلة إبراهيم عليه السلام وقوله تعالى * (وما الله بغافل عما يعملون) * يعني جحودهم القبلة إلى الكعبة فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ائتنا بعلامة على تصديق مقالتك وهم اليهود والنصارى فنزل قوله تعالى * (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب) * وهم اليهود والنصارى * (بكل آية) * يعني بكل علامة * (ما تبعوا قبلتك) * أي ما صلوا إلى قبلتك * (وما أنت بتابع قبلتهم) * أي ما أنت بمصل إلى قبلتهم * (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) * ويقال معناه كيف ترجو ان يتبعوك ويصلوا إلى قبلتك وهم لا يتبعون بعضهم بعضا ثم قال تعالى * (ولئن اتبعت أهواءهم) * هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد منه أمته يعني لئن صليت إلى قبلتهم واتبعت مذهبهم * (من بعد ما جاءك من العلم) * أي البيان أن دين الإسلام
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»